على العقب جياش كأن اهتزامه ... إذا جاش فيه حميه غلي مرجل
مسح إذا ما السابحات على الونى ... أثرن غبارًا بالكديد المركل
يطير الغلام الخف عن صهواته ... ويلوي بأثواب العنيف المثقل
دريرٍ كخذروف الوليد أمره ... تقلب كفيه بخيطٍ موصل
له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
كأن على الكتفين منه إذا انتحى ... مداك عروسٍ أو صلاية حنظل
كأن دماء الهاديات بعرفه ... عصارة حناء بشيب مرجل
فعن لنا سرب كأن نعاجه ... عذارى دوارٍ في ملاء مذيل
فأدبرن كالجزع المفصل بينه ... بجيد معم في العشيرة مخول
فألحقنا بالهاديات ودونه ... أواخرها في صرة لم تزيل
فعادى عداءً بين ثورٍ ونعجةٍ ... دراكًا ولم ينضح بماء فيغسل
وظل طهاة اللحم من بين منضجٍ ... صفيف شواءٍ أو قديرٍ معدل
ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه ... متى ما ترق العين فيه تسهل
وبات عليه سرجه ولجامه ... وبات بعيني قائمًا غير مرسل
وأنت إذا استدبرته سد فرجه ... بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
المداك: الحجر الذي سحق عليه الطبيب، والصلاية: الحجر الأملس الذي يستخرج بدمه دهن الحنظل، والهاديات: المتقدمات، وعصارة الحناء: ما يبقى من أثرها، والمرجل: المشط، وشبه دماء الصيد على عرفه بما جف من الحناء على شعر الأشيب، وذلك لأنهم كانوا إذا ذبحوا الصيد يطلون عرف الفرس به، والسرب: القطيع، والدوار: اسم صنم كانوا يدورون حوله في الجاهلية، والملاء: جمع ملاءة وهي الملحفة، والجزع: خرزة فيه سواد وبياض، والجيد: العنق، والمعم: كريم الأعمام، والمخول: كريم الأخوال، والصرة: الصيحة، وعادى: والى بين صيدين، والطهاة: جمع طاه وهو الطابخ، والصفيف: من اللحم: الرقيق، والقدير: الذي طبخ في القدر، والطرف: كريم الطرفين، أي أنه ينفض رأسه من المرح والنشاط، ومتى نظرت العين أعلاه نظرت أسفله لكمال صورته، وبهاء حسنه، وقوله: (وبات بعيني ... إلخ) أي: بات قائمًا بمرأى عيني حيث تراه يأكل علفه غير مرسل إلى المرعى.
ومنها أن تكون طويلة الذراعين والساقين غليظتهما منتصبن كساقي النعامة وأول من شبه فرسه بالظبي والنعامة والسرحان امرؤ القيس بقوله:
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
الأيطل: الخاصرة، وخص الظبي بذلك لأنه ضامر الأيطل، وخص النعامة لأنها طويلة الساقين صلبتهما، والإرخاء: سهولة الجري مأخوذ من الرخاء وهي الريح السهلة، والسرحان: الذئب، والتتفل: ولد الثعلب.
وقال طرفة بن العبد:
ولولا ثلاث هن من لذة الفتى ... وجدك لم أحفل متى قام عودي
فمنهن سبق العاذلات بشربة ... كميت إذا حلت بماء تزبد
وكري إذا نادى المضاف محنبًا ... كسيد الغضافي الضحية المتورد
وتقصير يوم الدجن والدجن معجبٌ ... ببهكنةٍ تحت الخباء المعمد
وقد أخذ هذا المعنى ابن نهيك عبد الله الأنصاري فقال:
ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى ... وجدك لم أحفل متى قام رامس
قمنهن سبق العاذلات بشربة ... كان أخاها مطلع الشمس ناعس
ومنهن تجريد الكواعب كالدمى ... إذا ابتز عن أكفالهن الملابس
ومنهن تقريط الجواد عنانه ... إذا استبق الشخص القوي الفوارس
التقريط: جعل العنان وراء الأذن عند طرح اللجام.
وقال امرؤ القيس:
فلأيًا بلأيٍ ما حملنا وليدنا ... على ظهر محبوك السراة محنب
الحنب والتحنيب - بالحاء المهملة -: اعوجاج قليل في الساقين، هو محمود في الحيل إذا لم يفرط و- بالجيم -: توتير في الرجلين، قال الشاعر:
هل لك في أجود ما قاد العرب ... هل لك في الخاص غير المؤتسب
جذل رهان في ذراعيه حلب ... أذل إن قيد وإن قام نصب
وقال النابغة الجعدي:
في مرفقيه تقاربٌ وله ... بلدة نحر كجبأة الخزم
البلدة: منقطع الفهدتين من أسفلها إلى عضدها، والجبأة: خشبة الحذاء شبه بها صدر الفرس في الاستدارة، ويروى: (وبركة زور) .
وقال بشر بن أبي حازم:
تسوف للحزام بمرفقيها ... يسد خواء طبييها الغبار
1 / 46