ومسح وجهه ويديه إلى الرسغين " (1) وفي هذا البيان رد لعمار من تلك المبالغة التي ظن وجوبها، إلى الحد اليسير الذي أراه إياه، وهذا خلاف مفهوم الغسل، فإنه يقضي بالعرك، والسنة أيضا قاضية بالإسباغ قولا وفعلا، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالمبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم، وقد علمت الخلاف في وجوبهما، فالفرض الواجب أحق بالمبالغة منهما، ولا تصدق المبالغة بدون إيصال الماء إلى منابت الشعر، سواء كثف أو رق، وقد قال عليه السلام في الغسل من الجنابة: " بلوا الشعر، وأنقوا البشر " (2)
__________
(1) أخرجه الربيع، كتاب الطهارة، باب فرض التيمم والعذر الذي يوجبه، ص46، ح (170)، وأخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، ص89، ح (347)، بلفظ مخالف، وأخرجه ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب في التيمم ضربة واحدة، ص72، ح (569)، بلفظ مخالف.
(2) أخرجه الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة، ص37، ح (106)، من طريق أبي هريرة، بلفظ مقارب، وأخرجه الربيع، كتاب الطهارة، باب في كيفية الغسل من الجنابة، ص39، ح (139)، رواه ابن عباس بلفظه. وأخرجه أبي داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل من الجنابة، ص51، ح (248)، من طريق أبي هريرة، بلفظ مقارب.
(3) كتاب الشرح، للإمام ابن بركة، والظاهر أن هذا الكتاب كان موجودا حتى القرن السادس الهجري؛ لأن صاحب بيان الشرع، وهو من علماء أوائل هذا القرن يورد بعض النقول عنه في كتابه المذكور، وبما أن الشيخ أبو مسلم ينقل كثيرا عن صاحب بيان الشرع، فلعله نقل كلام (الشرح) من صاحب بيان الشرع، أو أن الشيخ أبو مسلم كان يملك نسخة من شرح الجامع لابن بركة ولكن هذا الرأي قد يستبعد لأنه لو كانت لديه نسخة من الشرح لكانت متداولة بين الناس، على العموم أنا بحثت عن الكتاب ولم أستطع العثور عليه، والكلام الذي أورده أبو مسلم وجدته بنصه في بيان الشرع. (ينظر: بيان الشرع، 9/ 10، 36، 64 -65، 94 - 95).
وأمر النساء بغمر القرون، حرصا منه على وصول الماء إلى البشرة ولو سترتها الشعور، وليس الوضوء أولى بالتساهل فيه، ولا الغسل بأحق بإنقاء البشر، سواء كان الغسل والوضوء عبادتين معقولتين أو غير معقولتين، قلت هذا نظرا وبحثا، ولم أقصد مخالفة القطب، ولا غيره من الأصحاب القائلين باستحباب تخليل اللحية لا بوجوبه، فلعلهم علموا ما لم أعلمه في المقام ن والله أعلم.
صفحه ۵۰