، وعليه فالبياض بين العذار والأذن المعبر عنه بالمنشأ داخل في الوجه، وحده من معتاد العشر للذقن، أعني أول منبته الملاقي لشعر الرأس، وهكذا إلى منقطع شعر الرأس، مع دخول شيء من الشعر ليتم تعميم الوجه من الأعلى، إلى آخر منسدل اللحية نازلا، هذا بمراعاة طول الوجه، وأما عرضه فمن الأذن إلى الأذن، أو قل من آخر عظم الفك مما يلي الأذن إلى آخر الثاني، مع تخليل اللحية للحديث (1) وهو صحيح.
قال القطب: غسل الوجه من منابت الشعر المعتاد إلى الذقن، ومن الأذن للأذن، ويغسل جزءا من الرأس ليتحقق تعميم الوجه، ولا بد من إيصال الماء إلى أصول الشعر الخفيف، كالحاجب والهدب والشارب وجانب اللحية، ويغسل ما بين العارض والأذن، وقيل: يغسل ما بين جوانب اللحية داخلا، ويقصد الموضع الذي تحت الشفة السفلى، ومن نبت الشعر في جبهته فليغسل من المعتاد، وكذا الأصلع، ويغسل ما ظهر من شفتيه وأنفه، وقيل: ما أحمر من شفتيه مع الفم فإنه منه، ويأخذ الماء لوجهه إن أمكن باليمنى، وإلا فباليسرى، ويفرغه من إحداهما في الأخرى ويجمعهما، ويغسل وجهه من فوق إلى أسفل، ويجزىء من أسفل ومن جانب، ولكن لا بد من إيصال الماء في يديه، ولا يجزىء بلتهما، وليس تخليل اللحية بواجب بل مستحب خلافا لبعض، ويشرب عينيه الماء إن كان لا يضرهما (2) ا ه ..
قال صاحب (الإيضاح) (3): غسل مواضع اللحية واجب، لأنه مواجه به إذا لم يكن هناك شعر، فإذا ظهر فيه شعر وستره لم يجب عليه غسله، لأن اسم الوجه زال عنه ... إلى آخر عبارته، محتجا بوضوئه عليه السلام مرة مرة، وان المرة غير كافية لإيصال الماء إلى منابت اللحية، واحتج أيضا بالتيمم، ومن المعلوم أنه لا يؤمر فيه بإيصال الصعيد إلى غير ظاهر البشرة وظاهر الشعر (4) ا ه.
وأقول: قد يتوجه عليه البحث بأن المرة مع العرك والتخليل غير مستحيل وصول رطوبتها إلى منابت الشعر بما أن الغسل لا يصدق إلا بالعرك، هذا مع أن منابت الشعر من اللحية والحاجبين والشارب والعنفقة غير خارجة من مسمى جارحة الوجه، ألا ترى أنهم جعلوها من حكم الوجه في الأروش، بغير فرق بين ما ظهر من الشعر وبين ما ستره الشعر من بشرة الوجه، وعلى هذا القياس فالخطاب متوجه إلى غسل الوجه بما فيه، وما يصدق عليه اسم وجه.
وأما التيمم، فالمأخوذ من الخطاب بالمسح بالصعيد الاكتفاء بما ظهر، ولذلك أنكر صلى الله عليه وسلم على عمار بن ياسر تمعكه بالتراب لجنابة أجنبها فأعدم الماء، وقال: " إنما يكفيك هكذا "
صفحه ۴۹