أن كل واحد مما يوصف عند العقل أو الوجود بأنه " ب " سواء كان يوصف بأنه " ب " دائما أو يوصف بأنه " ب " وقتاما بعد أن لا يكون " ب " فذلك الشيء يوصف بأنه " ا " لا ندري متى هو أعندما يوصف بأنه " ب " أو في وقت آخر ودائما - أولا دائما هذا على رأي ثافرسطس وأما الرأي الثاني فلا يخالف الرأي الأول من جهة الموضوع فلا شك أن قولنا كل متحرك معناه كل ما يوصف بأنه متحرك ويوضع له كان دائما أو وقتا ما فإن معنى المتحرك في الشيئين واحد ويختلف بمدة الثبات - والمدة أمر عارض للمعنى غير مقوم للمعنى لكنهم يخالفون في جانب المحمول لأن الأولين أخذوا الحكم بالمحمول أعم ما يمكن أن يفهم منه من غير شرط دوام أولا دوام البتة وهؤلاء خصصوه بشرط اللادوام فيكون معنى قولنا كل " ب ا " عندهم أن كل ما يوصف " بب " كيف وصف به بالضرورة أو بغير الضرورة - فذلك الشيء موصوف بأنه " ا " لا بالضرورة بل وقتاما على ما قيل - وكذلك قولنا لا شيء من " با " على الاطلاق معناه أنه لا شيء مما يوصف بأنه " ب " كيف وصف به إلا ويسلب عنه " ا " إما لا ندري كيف ومتى وإما سلبا في وقت ما والجزئيتان تعرفهما من الكليتين. فصل في الضروريات قولنا كل " ب ا " بالضرورة معناه أن كل واحد مما يوصف عند العقل بأنه " ب " دائما أو غير دائم فذلك الشيء دائما ما دام عين ذاته موجودة يوصف بأنه " ا " كقولك كل متحرك جسم بالضرورة وقولنا بالضرورة لا شيء من " ب ا " معناه أنه ليس شيء مما يوصف بأنه " ب " كيفما وصف به بضرورة أو وجود غير ضروري إلا ويسلب عنه دائما " ا " في كل وقت ذاته فيه موجودة وأنت تعرف الجزئيتين من الكليتين إلا في شيء واحد وهو أن الجزئي لا يجعله دوام السلب والايجاب ضروريا بل دواما لا تستحقه طبيعته فإنه يمكن أن يكون بعض الناس مسلوبا عنه الكتابة أو موجبة له ما دامت ذاته موجودة ولكنه باتفاق ليس باستحقاق ولا كذلك في الكليات فإنها ما لم تستحق دوام السلب أو الايجاب لم تكن القضية موثوقا بصدقها بل لا تكون صادقة ألبتة فإن الصدق هو بالمطابقة - وهذه المطابقة لا تتحقق إلا فيما يجب الدوام له بل نحن لا نحكم في قضية محمولها ممكن وزمانها مستقبل بأنها صادقة أو كاذبة ما لم تطابق الوجود ولم تخالفه.
صفحه ۲۱