بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
أما بعد حمد الله والثناء عليه بما هو أهله
والصلاة والسلام على أنبيائه الذين هم عبيده ورسله
وعلى سائر خاصته الذين نالهم من كرمه أفضله وأجله وأغرقهم إحسانه وجوده وفيضه وفضله.
فإن طائفة من الإخوان الذين لهم حرص على اقتباس المعارف الحكمية سألوني أن أجمع لهم كتابا يشتمل على ما لا بد من معرفته لمن يؤثر أن يتميز عن العامة وينحاز إلى الخاصة ويكون له بالأصول الحكمية إحاطة وسألوني أن أبدأ فيه بإفادة الأصول من علم المنطق ثم أتلوها بمثلها من علم الطبيعيات ثم أورد من علمي الهندسة والحساب ما لا بد منه لمعرفة القدر الذي يقرن بالبراهين على الرياضيات وأورد بعده من علم الهيئة ما يعرف به حال الحركات والأجرام والأبعاد والمدارات والأطوال والعروض دون الأصول التي يحتاج إليها في التقاويم وما تشتمل عليه الزيجات مثل أحوال المطالع والزوايا وتقويم المسير بحسب تاريخ تاريخ إلى غير ذلك وأن أختم الرياضيات بعلم الموسيقى ثم أورد العلم الآلهي على أبين وجه وأوجزه وأذكر فيه حال المعاد وحال الأخلاق والأفعال النافعة فيه لدرك النجاة من الغرق في بحر الضلالات فأسعفتهم بذلك وصنفت الكتاب على نحو ملتمسهم مستعينا بالله ومتوكلا عليه فبدأت بإيراد الكفاية من صناعة المنطق لأنه الآلة العاصمة للذهن عن الخطأ فيما نتصوره ونصدق به والموصلة إلى الاعتقاد الحق بإعطاء أسبابه ونهج سبله.
القسم الأول - في المنطق
فصل في التصور والتصديق وطريق كل منهما كل معرفة وعلم
فإما تصور وإما تصديق والتصور هو العلم الأول ويكتسب بالحد وما يجري مجراه مثل تصورنا ماهية الإنسان والتصديق إنما ويكتسب بالقياس أو ما يجرى مجراه مثل تصديقنا بأن للكل مبدأ فالحد والقياس آلتان بهما تكتسب المعلومات التي تكون مجهولة فتصير معلومة بالرؤية وكل واحد منهما - منه ما هو حقيقي - ومنه ما هو دون الحقيقي ولكنه نافع منفعة ما بحسبه - ومنه ما هو باطل مشبه بالحقيقي والفطرة الإنسانية في الأكثر غير كافية في التمييز بين هذه الأصناف ولولا ذلك لما وقع بين العقلاء اختلاف ولا وقع لواحد منهم في رأيه
صفحه ۱
تناقض وكل واحد من القياس والحد فإنه معمول ومؤلف من معان معقولة بتأليف محدود فيكون لكل واحد منهما مادة منها ألف وصورة بها يتم التأليف وكما أنه ليس عن أي مادة اتفقت يصلح أن يتخذ بيت أو كرسي ولا بأي صورة اتفقت يمكن أن يتم من مادة البيت بيت ومن مادة الكرسي كرسي بل لكل شيء مادة تخصه وصورة بعينها تخصه كذلك لكل معلوم علم بالرؤية مادة تخصه وصورة تخصه منهما يصار إلى تحققه وكما أن الفساد في اتخاذ البيت قد يقع من جهة المادة وإن كانت الصورة صحيحة وقد يقع من جهة الصورة وإن كانت المادة صالحة وقد يقع من جهتيها جميعا - كذلك الفساد في الرؤية قد يقع من جهة المادة وإن كانت الصورة صحيحة وقد يقع من جهة الصورة وإن كانت المادة صالحة وقد يقع من جهتهما جميعا. فصل في منفعة المنطق فالمنطق هو الصناعة النظرية التي تعرف أنه من أي الصور والمواد يكون الحد الصحيح الذي يسمى بالحقيقة حدا والقياس الصحيح الذي يسمى بالحقيقة برهانا وتعرف أنه عن أي الصور والمواد يكون الحد الإقناعي الذي يسمى رسما وعن أي الصور والمواد يكون القياس الإقناعي الذي يسمى ماقوى منه وأوقع تصديقا شبيها باليقين جدليا وما ضعف منه وأوقع ظنا غالبا خطابيا وتعرف أنه عن أي صورة ومادة يكون الحد الفاسد وعن أي صورة ومادة يكون القياس الفاسد الذي يسمى مغالطيا وسوفسطائيا وهو الذي يتراءى أنه برهاني أو جدلي ولا يكون كذلك وإنه عن أي صورة ومادة يكون القياس الذي لا يوقع تصديقا البتة ولكن تخييلا يرغب النفس في شيء أو ينفرها ويقززها أو يبسطها أو يقبضها وهو القياس الشعري فهذه فائدة صناعة المنطق ونسبتها إلى الروية نسبة النحو إلى الكلام والعروض إلى الشعر لكن الفطرة السليمة والذوق السليم ربما أغنيا عن تعلم النحو والعروض وليس شيء من الفطر الإنسانية بمستغن في استعمال الروية عن التقدم بإعداد هذه الآلة إلا أن كون إنسانا مؤيدا من عند الله تعالى.
صفحه ۲
فصل في الألفاظ المفردة
لما كانت المخاطبات النظرية بألفاظ مؤلفة والأفكار العقلية من أقوال عقلية مؤلفة وكان المفرد قبل المؤلف وجب أن نتكلم أولا في اللفظ المفرد فنقول إن اللفظ المفرد هو الذي يدل على معنى ولا جزء من أجزائه يدل بالذات على جزء من أجزاء ذلك المعنى مثل قولنا الإنسان فإنه يدل به على معنى لا محالة وجزآه وليكونا الإن والسان إما أن لا يدل بهما على معنى لا محالة أو أن يدل على معنيين ليسا جزئي معنى الانسان وإن اتفق أن كان الإن مثلا يدل على النفس والسان يدل على البدن فليس يقصد بإن وسان في جملة قولنا الإنسان الدلالة بهما فيكونان كأنهما لا يدلان أصلا إذا أخذا جزئي قولنا الإنسان. فصل في اللفظ المركب وأما اللفظ المركب أو المؤلف فهو الذي يدل على معنى وله أجزاء منها يلتئم مسموعه ومن معانيها يلتئم معنى الجملة كقولنا الإنسان يمشي أو رامي الحجارة. فصل في اللفظ المفرد الكلي واللفظ المفرد الكلي هو الذي يدل على كثيرين بمعنى واحد متفق أما كثيرين في الوجود كالإنسان أو كثيرين في جواز التوهم كالشمس وبالجملة الكلى هو اللفظ الذي لا يمنع مفهومه أن يشترك في معناه كثيرون فإن منع من ذلك شيء فهو غير نفس مفهومة.
صفحه ۳
فصل في اللفظ المفرد الجزئي
واللفظ المفرد الجزئي هو الذي لا يمكن أن يكون معناه الواحد لا بالوجود ولا بحسب التوهم لأشياء فوق واحد بل يمنع نفس مفهومه من ذلك كقولنا زيد لمشار إليه فإن معنى زيد إذا أخذ معنى واحدا هو ذات زيد الواحدة فهو لا في الوجود ولا في التوهم يمكن أن يكون لغير ذات زيد الواحدة إذ الاشارة تمنع من ذلك فإنك إذا قلت هذه الشمس أو هذا الإنسان يمنع من أن يشترك فيه غير الإشارة. فصل في الذاتي ولنترك الجزئي ولنشتغل بالكلي وكل كلي فإما ذاتي وإما عرضي والذاتي هو الذي يقوم ماهية ما يقال عليه ولا يكفي في تعريف الذاتي أن يقال إن معناه ما لا يفارق فكثير مما ليس بذاتي لا يفارق ولا يكفي أن يقال إن معناه ما لا يفارق في الوجود ولا تصح مفارقته في التوهم حتى إن رفع في التوهم يبطل به الموصوف في الوجود فكثير مما ليس بذاتي هو بهذه الصفة مثل كون الزوايا من المثلث مساوية لقائمتين فإنه صفة لكل مثلث ولا يفارق في الوجود ولا يرتفع في الوهم حتى يقال إنا لو رفعناه وهما لم يجب أن نحكم أن المثلث غير موجود وليس بذاتي ولا أيضا أن يكون وجوده للموصوف به مع ملازمته بينا فإن كثيرا من لوازم الشيء التي تلزمه بعد تقرير ماهيته تكون بينة اللزوم له بل الذاتي ما إذا فهم معناه وأخطر بالبال وفهم معنى ما هو ذاتي له وأخطر بالبال معه لم يمكن أن يفهم ذات الموصوف إلا أن يكون قد فهم له ذلك المعنى أولا كالإنسان والحيوان فإنك إذا فهمت ما الحيوان وفهمت ما الإنسان فلا تفهم الإنسان إلا وقد فهمت أولا أنه حيوان وأما ما ليس بذاتي فقد تفهم ذات الموصوف مجردا دونه فإذا فهم فربما لزمه أن يفهم وجوده له كالمحاذاة للنقطة أو يفهم ببحث ونظر كتساوي الزوايا القائمتين في المثلث أو يكون جائزا أن يرفع توهما وإن لم يرتفع وجودا كالسواد للإنسان الزنجي أو يرتفع وجودا وتوهما معا مثل الشباب فيما يبطي زواله والقعود فيما يسرع زواله. وأما العرضي فهو كل ما عددناه مما ليس بذاتي وقد يغلط فيه فيظن أنه العرض الذي هو المقابل للجوهر الذين سنذكرهما بعد وليس كذلك فإن العرضي قد يكون جوهرا كالأبيض والعرض لا يكون جوهرا كالبياض.
صفحه ۴
فصل في المقول في جواب ما هو
ثم من الذاتي ما هو مقول في جواب ما هو ومنه ما ليس بمقول والذاتي المقول في جواب ما هو مشكل ويكاد أكثر الشروح تغفل عن تحقيقه ويكاد أن يرجع ما يراه الظاهريون من المنطقيين في المقول في جواب ما هو إلى أنه هو الذاتي لكن الذاتي أعم منه وتحقيقه بحسب ما انتهى إليه بحثنا إن الشيء الواحد قد تكون له أوصاف كثيرة كلها ذاتية لكنه إنما هو ما هو لا بواحد منها بل بجملتها فليس الإنسان إنسانا بأنه حيوان أو مائت أو شيء آخر بل بأنه مع حيوانيته ناطق فإذا وضع لفظ مفرد يتضمن " لست أقول يلتزم " جميع المعاني الذاتية التي بها يتقوم الشيء فذلك الشيء مقول في جواب ما هو مثل قولنا الإنسان لزيد وعمر فإنه يشتمل على كل معنى مفرد ذاتي له مثل الجوهرية والتجسم والتغذي والنمو والقولية وقوة الحس والحركة والنطق وغير ذلك فلا يشذ عنه مما هو ذاتي لزيد شيء وكذلك الحيوان لا للإنسان وحده لكن للأنسان والفرس والثور وغيرها ذلك بحال الشركة فإنه يشتمل على جميع الأوصاف الذاتية التي لها بالشركة وإنما يشذ منه ما يخص واحدا واحدا منها فالمقول في جواب ما هو هكذا يكون وأما الداخل في جواب ما هو فهو كل ذاتي.
صفحه ۵
فصل في المقول في جواب أي شيء هو
أما في المقول في جواب أي شيء هو فهو الذي يدل على معنى يتميز به الشيء عن أشياء مشتركة في معنى واحد فمنه عرضي مثل الأبيض الذي يميز الثلج عن القار وهما جسمان جماديان: ومنه ذاتي مثل الناطق الذي يميز الأنسان عن الفرس وهما حيوانان وقد اصطلح قوم على أن يسموا هذا الذاتي مقولا في جواب أيما هو فيكون المقول في جواب أيما هو بحسب إصطلاحهم هو المميز بعد ماهية مشتر تمييزا ذاتيا مثل الناطق للانسان بعد الحيوان دون البياض للثلج. فصل في الألفاظ الخمسة والألفاظ الكلية خمسة جنس - ونوع - وفصل - وخاصة - وعرض عام. فصل في الجنس الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالأنواع في جواب ما هو وقولنا مختلفين بالأنواع أي بالصور والحقائق الذاتية وأن لم يعرف بعد النوع الذي هو مضاف إلى الجنس. وقولنا في جواب ما هو أي قولا يحال بحال الشركة لابحال الأنفراد كالحيوان للأنسان والفرس لا كالحساس للأنسان والفرس فإن الحساس لا يدل على كمال ماهية مشتركة للانسان والفرس وإن كان يدل على معنى ما ذاتي وهو كونه ذا حس وتخلى عن المتحرك بالإرادة وعن النامي وعن المغتذي وغير ذلك إلا على سبيل الالتزام لا على سبيل التضمن وفرق بين الألتزام والتضمن فإن السقف يلتزم الحائط ولا يتضمنه. والبيت يلتزم الحائط ويتضمنه فيجب إذا حددت الجنس أن تحده بما لا يشاركه فيه فصل الجنس وإذا حددت الجنس أن لا تديره على النوع ولا تشتغل بما يقوله " فرفوريوس "
صفحه ۶
فصل في النوع
وأما النوع فهو الكلي الذاتي الذي يقال على كثيرين في جواب ما هو ويقال أيضا عليه وعلى غيره آخر في جواب ما هو بالشركة مثل الحيوان الذي هو نوع من الجسم فإنه يقال على الانسان والفرس في جواب ما هو بالشركة ويقال الجسم عليه وعلى غيره أيضا بالشركة في جواب ما هو وقد يكون الشيء جنسا لأنواع ونوعا لجنس مثل الحيوان للجسم ذي النفس فإنه نوعه وللانسان والفرس فإنه جنسهما لكنه ينتهي الأرتقاء إلى جنس لا جنس فوقه ويسمى جنس الأجناس وينتهي الانحطاط إلى نوع لا نوع تحته ويسمى نوع الأنواع ويرسم بأنه المقول على كثيرين مختلفين بالعدد في جواب ما هو كالانسان لزيد وعمرو والفرس لهذه الفرس وتلك. فصل في الفصل وأما الفصل فهو الكلي الذاتي الذي يقال على نوع تحت جنس في جواب أي شيء هو منه كالناطق للانسان فيه يجاب حين يسأل أنه أي حيوان هو - والفرق بين الناطق والانسان أن الانسان حيوان له نطق والناطق شيء مالم يعلم أي شيء هو له نطق والنطق فصل مفرد والناطق مركب وهو الفصل المنطقي.
صفحه ۷
فصل في الخاصة
وأما الخاصة فهي الكلي الدال على نوع واحد في جواب أي شيء هو لا بالذات بل بالعرض أما نوع هو جنس كتساوي الزوايا من المثلث لقاثمتين فإنه خاصة للمثلث وهو جنس وأما نوع ليس هو بجنس مثل الضاحك للإنسان وهو خاصة ملازمة مساوية ومثل الكتابة وهو خاصة غير ملازمة ولا مساوية بل أخص. وأما العرض العام فهو كل كلي مفرد عرضي أي غير ذاتي يشترك في معناه أنواع كثيرون كالبياض للثلج والققنس ولا تبال بأن يكون ملازما أو مفارقا لكل واحد من النوع أو للبعض جوهرا كان في نفسه - كالأبيض أو عرضا كالبياض بعد أن لا يكون مقوما للماهية. فإن وقوع العرض على هذا وعلى الذي هو قسم الجوهر في الوجود وقوع بمعنيين مختلفين فصل في الأعيان والأوهام والألفاظ والكتابات ألشيء إما عين موجود وإما صورة موجودة في الوهم أو العقل مأخوذة عنهما ولا يختلفان في النواحي والأمم وإما لفظة تدل على الصورة التي في الوهم أو العقل معبرة وإما كتابة دالة على اللفظ ويختلفان في الأمم فالكتابة دالة على اللفظ واللفظ دال على الصورة الوهمية أو العقلية وتلك الصورة دالة على الأعيان الموجودة.
صفحه ۸
فصل في الأسم
والأسم لفظ مفرد يدل على معنى من غير أن يدل على زمان وجود ذلك المعنى من الأزمنة الثلاثة كقولنا زيد - فمنه محصل كقولنا زيد - ومنه غير محصل قرن فيه لفظ السلب بشيء هو اسم محصل وجعل مجموعهما إسما دالا على ما خالف معنى المحصل كقولنا لاانسان للانسان فصل في الكلمة والكلمة لفظ مفردة تدل على معنى وعلى الزمان الذي كان ذلك المعنى موجودا فيه لموضوع ما غير معين كقولنا مشى فإنه يدل على مشى لماش غير معين في زمان قد مضى. فصل في الأداة وأما الأداة فهي لفظة مفردة إنما تدل على أمر لمعنى يصح أن يوضع أو يحمل بعد أن يقرن باسم أو كلمة كقولنا في وعلى. فصل في القول والقول كل لفظ مركب وقد عرفناه قبل. فصل في القضية والقضية والخبر هو كل قول فيه نسبة بين شيئين بحيث يتبعه حكم صدق أو كذب.
صفحه ۹
فصل في الحملية
والحملية هي التي توقع هذه النسبة بين شيئين ليس في كل واحد منهما هذه النسبة إلا بحيث يمكن أن يدل على كل واحد منهما بلفظ مفرد كقولنا الانسان حيوان أو قولنا الحيوان الضاحك ينتقل من مكان إلى مكان بوضع قدم ورفع أخرى فكأنك قلت الانسان يمشي أو قولك فلان كثير علمه فإن قولك كثير علمه معادل لقولك فيلسوف. فصل في الشرطية والشرطية هي التي توقع هذه النسبة بين شيئين فيهما هذه النسبة من حيث هي مفصلة كقولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود فإنك إن فصلت هذه النسبة انحل إلى قولك الشمس طالعة وإلى قولك النهار موجود وكل واحد منهما قضية - وكذلك إذا قلت - إما أن يكون هذا العدد زوجا - وإما أن يكون هذا العدد فردا " كأنك قلت العدد زوج والعدد فرد. فصل في الشرطية المتصلة وأما المتصلة من الشرطية فهي التي توجب أو تسلب لزوم قضية لأخرى كما قدمناه من مثال الشرطي.
صفحه ۱۰
فصل في الشرطية المنفصلة
والمنفصلة ما توجب أو تسلب عناد قضية لأخرى كما أخرناه في مثال الشرطي. والايجاب مطلقا هو إيقاع النسبة وإيجادها. وفي الجملة هو الحكم بوجود مجمول لموضوع. فصل في السلب والسلب مطلقا هو رفع النسبة الوجودية بين شيئين وفي الحملية هو الحكم بلا وجود محمول لموضوع. فصل في المحمول والمحمول هو المحكوم به أنه موجود أو ليس بموجود لشيء آخر. فصل في الموضوع والموضوع هو الذي يحكم عليه بأن شيئا آخر موجود أو ليس بموجود له مثال الموضوع قولنا زيد من قولنا زيد الكاتب ومثال المحمول قولنا كاتب من قولنا زيد الكاتب. فصل في المخصوصة والمخصوصة قضية جملية موضوعها شيء جزئي كقولنا زيد كاتب وتكون موجبة وتكون سالبة - ولا تسمى بالشخصية -. والمهملة قضية حملية موضوعها كلي ولكن لم يبين أن الحكم في كله أو في بعضه كقولنا الانسان أبيض وتكون موجبة وسالبة وإذا لم يتبين فيها أن الحكم في كل أو في بعض فلا بد أنه في بعض وشك في أنه في الكل أو أهمل ذلك فلذلك كان حكم المهملة حكم الجزئي نذكره.
صفحه ۱۱
فصل في المحصورة
والمحصورة هي التي موضوعها كلي والحكم عليه مبين أنه في كله أو في بعضه وتكون موجبة وسالبة. فصل في الموجبة الكلية والموجبة الكلية من المحصورات هي التي الحكم فيها إيجاب على كل واحد من الموضوع كقولنا كل إنسان حيوان. فصل في السالبة الكلية والسالبة الكلية هي التي الحكم فيها سلب عن جميع الموضوع كقولنا ليس ولا واحد من الناس بحجر. والموجبة الجزئية هي التي الحكم فيها إيجاب ولكن على بعض من الموضوع كقولنا بعض الناس كاتب. فصل في السالبة الجزئية والسالبة الجزئية هي التي الحكم فيها سلب ولكن عن بعض الموضوع كقولنا ليس بعض الناس بكاتب أو ليس كل إنسان بكاتب بل عسى بعضهم.
صفحه ۱۲
فصل في السور
والسور هو اللفظ الذي دل على مقدار الجصر مثل كل ولا واحد وبعض ولا كل. فصل في مواد القضايا المادة الواجبة هي حالة للمحمول بالقياس إلى الموضوع يجب بها لا محالة أن يكون دائما في كل وقت أن يكون الصدق مع الموجب في كل وقت كحالة الحيوان عند الانسان ولا يعتبر السلب - والمادة المتمنعة هي حالة للمحمول بالقياس إلى الموضوع يكون الصدق فيها دائما مع السلب كحالة الحجر عند الانسان ولا يعتبر الايجاب والمادة الممكنة هي حالة للمحمول بالقياس إلى الموضوع لا يدوم بها له صدق في إيجاب ولا سلب كحالة الكاتب عند الانسان وقيل إن الممكن هو الذي حكمه غير موجود في وقت ما أي في الحال ثم له حكم في المستقبل يفرد به عماله حكم في الحال بالضرورة. فصل في الثنائي والثلاثي كل قضية حملية فإن أجزاءها الذاتية عند الذهن ثلاثة معنى موضوع ومعنى محمول ومعنى نسبة بينهما - وأما في اللفظ فربما اقتصر على اللفظ الدال على معنى الموضوع واللفظ الدال على معنى المحمول وطويت اللفظة الدالة على معنى النسبة فتسمى نائية كقولنا زيد هو كاتب - وأما الثلاثية فهي التي قد صرح فيها باللفظة الدالة على النسبة كقولنا زيد هو كاتب وتسمى تلك اللفظة رابطة والكلمة ترتبط بذاتها لأنها تدل على موضوع في كل حال فالنسبة متضمنة فيها.
صفحه ۱۳
فصل في المعدولة والبسيطة
القضية البسيطة هي التي موضوعها اسم محصل ومحمولها اسم محصل وأما القضية المعدولة فهي التي موضوعها أو محمولها اسم غير محصل كقولك اللاانسان أبيض أو الانسان لا أبيض - والقضية المعدولة المطلقة في وصفها بالعدول هي التي محمولها كذلك كقولك زيد هو غير بصير فقولنا زيد هو غير بصير قضية موجبة معدولة والفرق بين الموجبة المعدولة كقولنا زيد هو غير بصير وبين السالبة البسيطة كقولنا زيد ليس هو ببصير أما من جهة الصيغة فلأن حرف السلب في المعدولة جزء من المحمول كأنك أخذت الغير والبصير شيئا واحدا حاصلا منهما بالتركيب فإن أوجبت تلك الجملة كشيء واحد كان إيجابا معدولا وإن سلبت فقلت زيد لس هو غير بصير كان سلبا معدولا وأما في البسيطة فإن حرف السلب ليس جزأ من المحمول بل شيئا خارجا عنه داخلا عليه رافعا إياه وأما من جهة التلازم والدلالة فإن السالبة البسيطة أعم منها لأن السلب يصح عن موضوع معدوم والايجاب كان معدولا أو محصلا فلا يصح إلا على موضوع موجود فيصح أن تقول إن العتقاء ليس هو بصيرا ولا يصح أن تقول إن العنقاء هو غير بصير وأما ما يقال بعد هذا من الفرق بينهما فلا تلتفت إليه فإن غير بصير يصح إيجابه على كل موجود كان عادما للبصر ومن شأنه أن يكون له أو ليس من شأنه أن يكون له بل من شأن نوعه أو جنسه أو ليس البتة من شأنه أو شأن محمول عليه أن يكون له بصر والقضية الثنائية لا يتميز فيها العدول عن السلب إلا بأحد وجهين أحدهما من جهة نية القائل مثلا إذا قال زيد لا بصير فعنى به أن زيدا ليس ببصير كان سلبا وإن عنى أن زيدا هو لابصير كان إيجابا معدول " والثاني " من جهة تعارف العادة في اللفظ السالب فإنه إن قال زيد غير بصير علم أنه إيجاب لأن غير يستعمل في العدول وليس يستعمل في السلب وأما في الثلاثية فإن الايجاب المعدول متميز عن السلب المحصل من كل جهة لأن الرابطة إن دخلت على حرف السلب ربطت حرف السلب مع المحمول كشيء واحد فأوجبت كقولك زيد هو لا بصير. وإن دخل حرف السلب على الرابطة سلبت كقولك زيد ليس هو بصيرا لأن الرابطة تجعل البصير وحده محمولا وتترك حرف السلب خارجا عنه
صفحه ۱۴
فصل في القضية العدمية
والقضية العدمية هي التي محمولها أخس المتقابلين هذا بحسب المشهور كقولك زيد جائر - أو الهواء مظلم - وأما في التحقيق فهي التي محمولها دال على عدم شيء من شأنه أن يكون للشيء أو لنوعه أو لجنسه. فصل في الجهات الجهات ثلاثة واجب ويدل على دوام الوجود وممتع ويدل على دوام العدم وممكن ويدل على لا دوام وجود ولا عدم والفرق بين الجهة والمادة أن الجهة لفظة مصرح بها تدل على أحد هذه المعان والمادة حالة للقضية في ذاتها غير مصرح بها وربما تخالفا كقولك زيد يمكن أن يكون حيوانا فالمادة واجبة والجهة ممكنة وبينهما فروق أخرى لا تطول بها القضية الرباعية هي التي تذكر فيها مع الموضوع والمحمول رابطة وجهة وإنما تسلب الموجهة الرباعية بأن يدخل حرف السلب على الجهة لا الجهة على السلب فيمكن أن يصدقا كقولك زيد هو يمكن أن يمشي زيد هو يمكن أن لا يمشي أو يكذبا كقولك زيد هو يجب أن يمشي - زيد هو يجب أن لا يمشي - وأيضا زيد هو يمتنع أن يمشي - زيد يمتنع أن لا يمشي بل مقابل يمكن ليس يمكن ومقابل يجب ليس يجب ومقابل يمتنع ليس يمتنع.
صفحه ۱۵
فصل في الممكن وتحقيقه
وفي الممكن اشتباه إذا ذكرناه وحللناه الحل الشافي ارتفع به كثير من الشبه والأغاليط التي تقع للناس في تناقض ذوات الجهة وتلازمها فنقول إن العامة تفهم من الممكن غير ما تفهمه الخاصة بحسب تواطئهم عليه أما العامة فيعنون بقولهم ممكن ما ليس بممتنع من غير أن يشترطوا فيه أنه واجب أو لا واجب فيكون معنى قولهم ليس بممكن أنه ليس ليس بممتنع فيكون معناه الممتنع فإذا الممكن العامي هو ليس بممتنع وغير الممكن ما هو ممتنع فكل شيء عندهم إما ممكن وإما ممتنع وليس قسم ثالث فيكون الممكن بحسب هذا الاستعمال مقولا على الواجب كالجنس له وليس اسما مرادفا له بل لأن الواجب غير ممتنع في المعنى وأما الخاصة فإنهم وجدوا معنى ليس بواجب ولا ممتنع ولم يكن عند العامة لهذا المعنى اسم فإن اسم الممكن عندهم كان لمعنى آخر لكنه كان يصح أن يقال لهذا الشيء أنه ممكن أن يكون وممكن أن لا يكون بحسب الاستعمال العامي أي بمعنى أنه غير ممتنع أن يكون وغير ممتنع أن لا يكون فنقلوا اسم الممكن وجعلوه دالا على ذاك ووضعوا اسم الممكن دالا على ما ليس بممتنع - ومع ذلك ليس بواجب وهو الذي هو غير ضروري في أحد الحالين - فهذا المعنى أخص من المعنى الذي تستعمله عليه العامة فيكون الواجب خارجا من هذا الممكن ويكون قولنا ليس بممكن ليس بمعنى ممتنع بل بعنى ليس غير ضروري بل واجب أو ممتنع فكلاهما ليسا بهذا الممكن إلا أن ضعفاء الرأي إذا قالوا ليس بممكن وهم يستعملون الممكن الخاصي يخيل لهم معنى الممكن العامي فكان ليس بممكن على معنى الممتنع عندهم وكان الواجب خارجا عن الممكن فتحيروا في ذلك فإن قالوا إن الواجب ممكن خاصي والممكن الخاصي هو الذي يمكن أن لا يكون صار الواجب عندهم ممكنا أن لا يكون وإن قالوا إن الواجب ليس بممكن ويخيل لهم أن غير الممكن ممتنع صار الواجب ممتنعا ولو أنهم راعوا حدود النظر فأخذوا الممكن في القسمين على وجه واحد لم تلزمهم هذه الحيرة فإنهم إذا أخذوا الممكن بمعنى أنه لا ضرورة في وجوده ولا عدمه فنظروا هل الواجب ممكن وجدوا الواجب خارجا عن الممكن ووجدوه ليس بممكن وحينئذ لم يلزم أن ما ليس بممكن هو الممتنع لأن الممكن لم يكن ما ليس بممتنع فيكون سلبه الممتنع بل ما لا ضرورة في وجوده ولا في عدمه فيكون سلبه سلب ما لا ضرورة في وجوده ولا في عدمه فيكون ما ليس بممكن هو ما ليس بلا ضرورة في وجوده ولا في عدمه فصدق ليس بممكن على الواجب إذ ليس هو بلا
صفحه ۱۶
ضرورة لا في وجوده ولا في عدمه لأن له ضرورة في الوجود وأيضا إن أخذوا الغير الممكن بمعنى الممتنع فلم لم يأخذوا الممكن بمعنى غير الممتنع فيصح على الواجب ولا يلزمهم أن يقال فيمنك أن لا يكون - وذلك لأنه لما عنى بالممكن غير الممتنع فليس يجب أن يكون ما يمكن أن يكون ممكنا أن لا يكون فليس يلزم فيما هو غير ممتنع أن يكون غير ممتنع أن لا يكون فيجتمع من هذا أن الواجب يقع في الممكن العامي ولا يقع في الخاصي وأن غير الممكن الخاصي ليس بمعنى الممتنع بل بمعنى الضروري إما في الوجود وإما في العدم وأن الممكن ما ليس بضروري الحكم ومتى فرض حكمه من إيجاب أو سلب موجودا فيه حتى يقال إن رسم الممكن أنه ما ليس بموجود في الحال وإذا فرض في الاستقبال موجودا لم يعرض منه محال - وذلك لأنه إن كان السبب المانع عن كونه موجودا صيرورته واجا في وجوده فيجب أن يراعى هذا السبب في جانب اللاوجود أيضا فإنه إن فرض معدوما في الحال كان في الحال واجبا في لا وجوده كذلك فيكون ممتنعا لأن واجب العدم هو الممتنع فإن كان الامتناع الحالي لا يضر الممكن فالواجب الحالي لا يضر الممكن وإن ممكن الكون إن كان يجب أن لا يكون موجود الكون فممكن أن لا يكون يجب أن لا يكون موجود اللاكون لكن ممكن الكون هو بعينه ممكن اللاكون فممكن الكون يجب أن لا يكون على أصلهم موجود اللاكون.
صفحه ۱۷
فصل في الواجب والممتنع
وبالجملة الضروري الواجب والممتع بينهما غاية الخلاف مع اتفاقهما في معنى الضرورة فذاك ضروري في الوجود وذا ضروري في العدم وإذا تكلمنا على الضروري أمكن أن ننقل البيان بعينه إلى كل واحد منهما فنقول إن الحمل الضروري على ستة أوجه تشترك كلها في الدوام فأول ذلك أن يكون الحمل دائما لم يزل ولا يزل كقولنا الله تعالى حي والثاني أن يكون ما دام ذات الموضوع موجودا لم تفسد كقولنا كل إنسان بالضرورة حيوان أي كل واحد من الناس دائما حيوان ما دام ذاته موجودا ليس دائما بلا شرط حتى يكون حيوانا لم يزل ولا يزل قبل كونه بعد فساده والأول وهذا الثاني هما المستعملان والمرادان إذا قيل إيجاب أو سلب ضروري ويعمهما من جهة ما معنى واحد وهو الضرورة ما دامت ذات الموضوع موجودة إما دائما إن كانت الذات توجد دائما - وإما مدة ما إن كانت الذات قد تفسد وأما الثالث فأن يكون ذلك ما دام ذات الموضوع موصوفة بالصفة التي جعلت موضوعة معها لاما دامت موجودة مثل قولك كل أبيض فهو ذو لون مفرق للبصر بالضرورة أي لا دائما لم يزل ولا يزال ولا أيضا ما دام ذات ذلك الشيء الأبيض موجودا حتى تلك الذات إذا بقيت ولم تفسد لكن البياض زال عنها فقد توصف بأنها ذات لون مفرق للبصر بالضرورة بل أن هذه الضرورة تدوم لا ما دامت موجودة ولكن موصوفة بالبياض وأما الرابع فأن يكون ذلك ما دام الحمل موجودا وليس له ضرورة بلا هذا الشرط كقولنا إن زيدا بالضرورة ماش ما دام ماشيا إذ ليس يمكن أن لا يكون ماشيا وهو يمشي وأما الخامس فأن تكون الضروررة وقتا معينا عينه معينا والسادس أن كون بالضرورة وقتا ما وليس دائما ولا وقتا بعينه - وهذه الأقسام الأربعة إذا لم يشترط فيها شرط ما فإن الحمل فيها يسمى مطلقا وإن اشترطت فيها جهة الضرورة كان الأولى أن تكون الجهة جزأ من المحمول لا جهة داخلة على المحمول وذلك لأن المحمول وذلك لأن المحمول في ذلك لا يكون وحده محمولا بل مع زوائد وتلك الزوائد مع المحمول لا تعقل كشيء واحد ما لم تكن فيها الجهة على أنها كالبعض منها وأما في المقدمة الضرورية فإن المحمول مستقل بنفسه في أن يقصد حمله والجهة لا تفعل فيه شيئا بل في الربط فيكون المحمول هو بذاته كمعنى واحد والجهة داخلة عليه المتلازمات التي يقوم بعضها مقام بعض من هذه طبقات فطبقة هي هكذا واجب أن يوجد ممتنع أن لا يوجد ليس بممكن بالمعنى العام أن لا يوجد
صفحه ۱۸
ونقايض هذه متعاكسة أيضا مثل قولنا ليس بواجب أن يوجد ليس بممتنع أن لا يوجد ممكن أن لا يوجد العامي لا الخاصي وطبقة أخرى وهي هكذا واجب أن لا يوجد ممتنع أن يوجد ليس بممكن أن يوجد بالمعنى العامي لا الخاصي وكذلك نقايضها مثل ليس بواجب أن لا يوجد ليس بممتنع أن يوجد ممكن أن يوجد بالمعنى العامي وطبقة من الممكن الخاصي الحقيقي ولا ينعكس فيها إلا شيئان فقط ممكن أن يكون وممكن أن لا يكون ونقيضاهما متعاكسان ولا يلزمهما من سائر الجهات شيء لزوما معاكسا وأما الممكن أن يكون بالمعنى العامي فلا يلزمه ممكن أن لا يكون على ما أوضحناه قبل وأما اللوازم التي لا تنعكس فإن واجبا أن يوجد يلزمه ليس بممتنع أن يوجد وما في طبقته مثل ليس بواجب أن لا يوجد وممكن أن يوجد يلزمه ليس بممتنع أن يوجد وما في طبقته مثل ليس بواجب أن لا يوجد وممكن أن يوجد العامي وليس بممكن أن يوجد الخاصي لأنه واجب لا ممكن وليس بممكن أن لا يوجد الخاصي لأنه ممتنع أن لا يوجد الخاصي لأنه واجب لا ممكن وليس بممكن أن لا يوجد الخاصي لأنه ممتنع أن لا يوجد لا ممكن حقيقي أن لا يوجد - وكذلك الممتنع أن يوجد يلزمه سلب الواجب أن يوجد وما في طيقته وسلب الممكنين الحقيقين أعني المعدول والمحصل والممكن أن يكون الحقيقي يلزمه ممكن أن يكون العامي وما في طبقته وممكن أن لا يكون العامي وما في طبقته ويتوصل من هذا إلى باق ما بقي.
صفحه ۱۹
فصل في المقدمة والحد
المقدمة قول يوجب شيئا لشيء أو يسلب شيئا عن شيء وجعل جزء قياس والحد هو ما تنحل إليه المقدمة من جهة ما هي مقدمة وإذا انحل الرباط فلا محالة أنه لا يبقى إلا موضوع ومحمول . فصل في المقول على الكل وأما المقدمة التي فيها مقول على الكل فهي التي ليس شيء مما يقال عليه الموضوع إلا ويقال عليه المحمول والسلب بحسبه وكل مقدمة - إما مطلقة - وإما ضرورية - وإما ممكنة. فصل في المطلقات المطلقة فيها رأيان رأي " ثاوفرسطس " ثم " ثامسطيوس " وغيره ورأي الاسكندر وعدة من المحصلين أما الأول فهو أنها هي التي لم تذكر فيها جهة ضرورة للحكم أو إمكان للحكم بل أطلق إطلاقا فيجوز أن يكون الحكم موجودا بالضرورة ويجوز أن يكون الحكم موجودا لا بالضرورة أي لا دائما وليس يبعد أن يكون هذا رأي الفيلسوف في المطلقة على أن الفيلسوف يجوز أن تكون كليتان موجبة وسالبة مطلقتين صادقتين كقولك على فرس نائم ولا شيء مما هو فرس بنائم وأن ينقل الحكم الكلي الموجب المطلق إلى الحكم الكلي السالب المطلق وأصحاب هذا الرأي يرون أن ذلك جائز وليس واجب لأن الفيلسوف قد يورد أيضا في المطلقات أمثلة لا يجوز فيها ذلك بل هي ضرورية دائما وأما أصحاب الرأي الثاني ومنهم الاسكندر وعدة من المحصلين من المتأخرين ممن هو أشدهم تحصيلا فيرون أن هذا النقل واجب في المطلق هو الذي لا ضرورة في حكمه إلا على أحدى الجهات الأربعة المذكورة بعد الجهتين الأوليتين فكأن المطلق عند هؤلاء ما يكون الحكم فيه موجودا بل وقتاما وذلك الوقت أما ما دام الموضوع موصوفا بما وصف به كقولك كل أبيض فهو ذو لون مفرق للبصر - أو ما دام المحمول محكوما به أوفى وقت معين ضروري كالكسوف للقمر والكون في الرحم لكل إنسان أو في وقت ضروري ولكن غير معين كالتنفس للحيوان وليس يجب أن يكون هذا الوقت وقتا واحدا يشترك فيه الجميع معا بل وقتاما لكل واحد يخصه وليس يبعد أن يكون هذا الرأي رأي الفيلسوف ونحن لا نشتغل بتفصيل أحد الرأيين " الرأي المثامسوطي والرأي الاسكندري " على الآخر بل تعتبر أحكام المطلق بالوجهين جميعا ويظهر لك ذلك إذا فصلنا المحصورات المطلقة فقولنا كل " ب ا " بالاطلاق معناه
صفحه ۲۰