وعدمها في وجود مقتضاها فليست بعلة ولنزد هذا شرحا " فنقول " إن هذه الذات قبل الحدوث قد كانت لا ممتنعة ولا واجبة وكانت ممكنة فلا يخلو إما أن يكون إمكانها لا بشرط أو إمكانها بشرط أن تكون معدومة أو إمكانها هو في حال أن تكون موجودة ومحال أن يكون إمكانها بشرط عدمها لأنها ممتنعة أن توجد ما دامت معدومة واشترط لها العدم كما أنها ما دامت موجودة فهي بشرط أنها موجودة واجبة للوجود فبقي أحد الأمرين أما لأن الامكان أمر في طبيعتها وفي نفس جوهرها فلا تزايلها هذه الحقيقة في حال وأما في حال الوجود بشرط الوجود وهذا وإن كان محالا " لأنا إذا اشترطنا الوجود وجب " فليس يضرنا في غرضنا وذلك أنك تعلم أن كل حادث بل كل معلول فإنه باعتبار ذاته ممكن الوجود ولكن الحق أن ذاته ممكنة في نفسها وإن كانت باشتراط عدمها ممتنعة الوجود وباشتراط وجودها واجبة الوجود وفرق بين أن يقال وجود زيد الموجود واجب وبين أن يقال وجود زيد ما دام موجودا فإنه واجب وقد بين هذا في المنطق - وكذلك فرق بين أن يقال إن ثبات الحادث واجب بذاته وبين أن يقال إنه واجب ما دام موجود فالأول كاذب والثاني صادق بما بينا فإنا إذا لم نتعرض لهذا الشرط كان ثبات الوجود غير واجب واعلم أن ما أكسبه الوجود وجوبا أكسبه العدم امتناعا ومحال أن يكون حال العدم ممكنا ثم يكون حال الوجود واجبا بل الشيء في نفسه ممكن ويعدم ويوجد وأي الشرطين شرط له دوامه صار مع شرط دوامه ضروري الحكم لا ممكنا ولم يتناقض ذلك فإن الإمكان باعتبار ذاته والوجوب والامتناع باعتبار شرط لاحق به فإذا كانت الصورة كذلك فليس للمكن في نفسه وجود واجب بغير اشتراط البتة بل ما دام ذاته تلك الذات لم تكن واجبة الوجود بالذات بل بالغير وبالشرط فلم يزل متعلق الوجود بالغير وكل ما احتيج فيه إلى غير وشرط فهو محتاج فيه إلى سبب فقد بان أن ثبات الحادث ووجوده بعد الحدوث بسبب يمد وجوده وهو بنفسه غير واجب وليس لأحد من المنطقيين أن يعترض علينا " فنقول " إن الامكان الحقيقي هو الكائن في حال العدم للشيء وإن كل ما يوجد فوجوده ضروري فإن قيل له ممكن فباشتراك الاسم فإنه يقال له قد بينا في كتبنا المنطقية أن اشتراط العدم للمكن الحقيقي اشتراط غير صحيح في أن يجعل جزء حد للمكن بل هو أمر يتفق ويلزم الممكن في أحوال وبينا أن الموجود ليس ضروريا لأنه موجود بل بأن يشترط شرط وهو إما وضع الموضوع أو المحمول أو العلة والسبب لا نفس الوجود فينبغي أن تتأمل ما قلناه في الكتب المنطقية فتعلم أن هذا الاشتراط غير لازم فإن نظرنا
صفحه ۱۹۵