فأما اذا كان الافتقار إلى التمام للجهل كما لو أشتبه الواجب بغيره كالناسى لصلاة لا يعلم عينها أو المحرم بغيره كمن اشتبهت عليه أخته بأجنبيه فعلى قول أبى محمد وغيره الجميع محرم وواجب وعلى القول الآخر أحدهما هو الواجب فى الحقيقة والآخر يثبت فيه أحد نوعى الوجوب وهو الوجوب ظاهرا لا باطنا وهذا هو التحقيق فبتقسيم أنواع الوجوب والحرمة يظهر الحكم فى هذه المسائل وكذلك بتقسيم الوجوب يظهر الحكم فى مسألة المخير والموسع والزيادة المحدودة والمطلقة ومن أخذ الوجوب نوعا واحدا اضطربت عليه هذه المسائل
مسألة الامر بالصفة فى الفعل يشبهها جميع لوازم المأمور به المتقدمه عليه أو المتعقبه له أو المقارنة له فانه اذا نسخ الامر بالملزوم أو تبين أنه ليس بواجب فانه يستدل به على اللوازم فأصحابنا جعلوا اللوازم بمنزلة الاجزاء وصرحوا بأنه يصير بمنزلة ألفاظ العموم اذا خص منها صورة وأن الكلام فى قوة أمرين وأن اللازم يكون مأمورا به أمرا مطلقا
مسألة الامر لا يقف على المصلحة خلافا للمعتزلة بل يجوز أن يأمر بما لا مصلحة للمأمور فيه ولكن التكليف منه انما وقع على وجه المصلحة بناء على أنه قد يأمر بما لا يريد كونه وأنه لا يجب عليه رعاية الصلاح ولا الاصلح وأنه سبحانه لا يقبح منه شىء بل يفعل ما شاء هذا كلام القاضى
ولهذه المسألة مأخذان أحدهما أن فائدة الامر قد تنشأ من نفس التكليف لا من الفعل المكلف به وهذا أصل ممهد لاصحابنا فى غاية الحسن وأصول المعتزلة تقتضى خلافه والثاني أنه لا يجب عليه شيء عندنا لكن لم يقع من الشرائع الا ما تضمن المصلحة وهم يقولون بالوجوب عليه
قال ابن عقيل الامر من جهة الله تعالى لا يقف على مصلحة المأمور ويجوز أن يأمره بما يعلم أنه لا يعود بصلاح حاله عندنا هذا ينبنى على أصول لنا فى أصول الديانات وبهذا قال الفقهاء أجمع خلافا للمعتزلة ومن وافقهم فى تلك الاصول فى قولهم لا يأمر الا بما فيه المصلحة والامر عندهم يقتصى الارادة ولا يريد الله عندهم بعباده الا ما فيه الاصلح لهم دينا ودنيا واحتج ابن عقيل بأمر ابليس وفرعون ونحوهما
صفحه ۵۶