قلت ما أمر الله ابليس الا بما فيه المصلحة لكن لم يكن نفس أمره له مصلحة فهنا ثلاثة أشياء أحدها أن يكون نفس الامر فيه مصلحة للمأمور المعين أو لجملة المأمورين الثاني أن يكون نفس امتثال المأمور به مصلحة للمأمور أو لجميع المأمورين وكلام ابن عقيل يعم القسمين تسوية بين القول والفعل اذ مصدرهما محض المشيئة وتفطن ابن العماد للفرق فقال التحقيق أن الامر يتناول المصالح والاصلح فى نفسها نعم يقف حصول المصلحة على امتثال المكلف فعدم الامتثال لا يدل على أن الامر لم يتناول الاصلح قال ولا يحتاج أن نرتكب الاشنع ونقول ان أمر الله تعالى لا يطلب له فائدة بل لا يخلو عن فائدة وهنا أقسام أحدها أن يأمر بما هو فساد فى الدنيا ويعاقبه على الترك ولا يثيبه على الفعل فهذا لم يقع الثاني أن يثيبه عل الامتثال فهذا ممكن الثالث أن يأمره بما فيه صلاح فى الدنيا ويثيب فى الآخرة أو لا يثيب الرابع أن يأمره بما عرى عن المصلحة والمفسدة الخامس أن تكون مصلحته فى الدنيا لغير المأمور به والحق أن نفس الامر لا بد أن يكون مصلحة للعموم كالفعل وأما المأمور به فيكون مصلحة للعموم وقد يكون مصلحة للخصوص هذه المسألة أعنى مسألة وقوف الامر على المصلحة لها أقسام وهى ذات شعب وذلك أن عندنا للامر بالشيء لمصلحة ثلاث جهات أحدها نفس الامر بقيد الإعتقاد والعزم وثانيهما الفعل من حيث هو مأمور به تعبدا وابتلاء وامتحانا وثالثها نفس الفعل بما اشتمل عليه من المصلحة والمعتزلة تنكر القسمين الاولين فعلى هذا يجوز أن يأمر بفعل لا مصلحة فيه بل فى الامر والتكليف به الثاني أنه يجوز أن يأمر العبد بما لا مصلحة فيه على تقدير المخالفة فتكون المصلحة فى الفعل لو وقع لا مصلحة للعبد فى نفس تكليفة كأمر الكفار بالايمان وهذا مما لا يختلف أهل الشرائع فيه الثالث أنه يجوز أن يأمر بما لا مصلحة فيه على تقدير الموافقة بمعنى أن العبد لو فعل المأمور به لم تكن له فيه مصلحة فهذا جائز لله لانه يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد خلافا للمعتزلة هو غير جائز له لكن هل يجوز أن يقع منه الصحيح أنه لا يقع منه كتعذيب الطائع وافناء الجنة بل قد اشتملت الافعال الصحيحة المشروعة على مصالح فضلا منه واحسانا وهذا قول عامة السلف وعليه أنبنت مذاهب الفقهاء وحملة الشريعة والذى عليه أكثر الاشعرية أو كثير منهم جواز خلو المشروعات عن المصالح وربما صغى إلى ذلك جماعة من متأخري أصحابنا والتزموه فى محاجاتهم كما أن هؤلاء قد لا يجعلون فى نفس الفعل من حيث هو هو مصلحة ولا مفسدة الا من حيث تعلق الامر به وهؤلاء ناقضوا المعتزلة مناقضة بعيدة ودين الله بين الغالي فيه وآلجافى عنه فافهم الفرق بين هذه المقالات وأصولها وفروعها تتبين الصواب من الخطأ والله الهادى والقاضى أقصد من ابن عقيل فان لفظه ليشير اليه كما كتبته عنه وكذلك قال فى المسألة النسخ الناس فى التكليف على قولين منهم من قال لله أن يكلف عباده ما شاء أن يكلفهم لمصلحة ولغير مصلحة ثم الحق ولكن لا يختلف أن التكليف انما وقع منه على وجه المصلحة كما أن ما يفعله فينا انما يفعله للمصلحة ومنهم من قال حسن التكليف لما فيه من مصالحهم
مسألة ما لا يتم اجتناب المحرم الا باجتنابه فمحرم أيضا كمن اشتبهت أخته بأجنبيه خلافا لبعضهم
مسألة اتفق الفقهاء والمتكلمون على أن أحكام الشرع تنقسم إلى واجب ومندوب ومحرم ومكروه ومباح الا الكعبى فانه قال لا مباح فى الشريعة وقوى ابن برهان مذهبه بناء على تقدير صحة قول من قال ان النهى عن الشيء ذى لاضداد أمر بواحد منها ورد الجوينى عليه برد هذا الاصل وهذا لا اشكال فيه ولكن يتوجه عندى رد قوله مع تقدير صحة ذلك الاصل وهو أن هذا انما هو فيما ( أضداده محصورة فقط ) فليتحقق ذلك وذكر ابن عقيل هذه المسألة فى أواخر مسائل النسخ ( قال الشيخ مجد الدين لله در ) الواضح لابن عقيل من كتاب ما أغزر فوائده وأكثر فرائده وأزكى مسائلة وأزيد فضائله من نقل مذهب وتحرير حقيقة مسألة وتحقيق ذلك
صفحه ۵۸