ثم الذى يجب أن يقال فى هذه المسألة ان الواجب له معنيان أحدهما الطلب الجازم والثاني المعاقبة والذم على الترك والوجوب عند الجمهور من أصحابنا وغيرهم يتصور بمجرد القسم الاول فيكون وجوب هذه اللوازم من باب الاول لا الثاني اذ لا يعاقب المكلف على ترك هذه اللوازم بدليل أن من بعدت داره عن المسجد أو مكة لا تزيد عقوبته على عقوبة من قربت داره وان كان ثوابه على الفعل أكثر الا أن يقال قد تكون عقوبة من كثرت واجباته أقل من عقوبة من قلت وعلى هذا فقول من قال ( يجب التوصل إلى الواجب بما ليس بواجب ) صحيح ليس كما أنكره أبو محمد متابعة للغزالى وغيره وكذلك مسألة ما لا يتم اجتناب المحرم الا باجتنابه سواء وقد يقال أيضا هذه اللوازم تجب وجوبا عقليا لا وجوبا طلبيا ولا عقابيا فان هذا نوع ثالث كما يجب لمن أراد الاكل تحريك فمه أو لمن أراد الكلام تحريك آلاته فهذا وجوب عادى لا شرعى وهذا الوجوب لا ينكره عاقل كما أن الوجوب العقابي لا يقوله فقيه يبقى الوجوب الطلبى وهو محل النزاع وفيه نظر ويشبه أن يقول هو مطلوب بالقصد الثاني لا الاول
ومما يوضح الفرق بين الوجوب الطلبي والعقابي أن من قال يجب بالعقل توحيد الله وشكره ويحرم به الكفر والزنا والظلم والكذب لا يلزمه أن يقول يعاقب عليه فى الآخرة للنصوص السمعية وان كان تاركا للواجب وفاعلا للمحرم والخلاف فى المسألة مشهور مع الجوينى وغيره
فصل
صفحه ۵۵