دعوت أبا نواس يوما وكان عندي غلام قد ربيته عجيب الحسن وهو يسقينا يومئذ فوضع أبو نواس عينه عليه فما زال يعبث به ثم قال أحب أن تهبه لي فإنه ما دام في ملكك لن اعرض له فقلت له ويحك صبي قد ربيته وهو عندي مثل ولدي كيف أفارقه قال والله لا بد منه فقد فتنتني عيناه قلت انظر في ذلك فلم يزل يشرب إلى أن أخذت منه الأقداح مأخذها فأراد الانصراف فقال انصرف وقد سألتك حاجة فلم تقضها لي فتذممت منه أن يسأل حاجة وارده عنها وخفت مع ذلك لسانه فإنه لم يكن يبالي ما قال فقلت له صفة بديها فإن أجدت وصفه واستحسنته فخذ بيده وانصرف فكأنه والله كان قد علم ما أردت من قبل أن أقول فهيأ له شعرا وقال على المكان اسمع وأنشد
( وغرير الشباب محتبك الحسن
علي جيده مناط التميم )
( قد غذاه النعيم فاحمررت الوجنة
منه على فساد الحلوم )
( فهو عف الجفون في النظر العمد
حذارا على فؤاد النديم )
( يتثنى إذا مشى فهو لدن
في اعتدال بجودة التقويم )
( أندبت كفه الزجاجة وهنا
فهي فيها جراح تلك الكلوم )
( فهو الراحل المطي إلينا
من أباريق قهوة الخرطوم )
( بنت دهر أباحها كرم الجوهر
منه ورقة في الأديم )
صفحه ۷۲