وكان اسمه علاء الدين على ، وأمه ابنة كرمون التي ذكرنا أن السلطان بني بها وهو أمير في الدولة الظاهرية ، وخلف الملك الصالح المذكور ولدا يسمي مظفر الدين موسى ، فأسي السلطان عليه أسى عظيمة ، ووجد بفقده وجدأ جسيما ؛ وكان كامل الأدوات ، حقيقا بأسباب الرياسات .
تواترت إليه كتب النواب بالشام بحصن الأكراد ، والمناصفات الساحلية ، يشكون من حيف الفرنج الذين بطرابلس . فعزم على قصدها ؛ وكتب إلى النواب بالشام بإحضار العساكر إليها من جميع الجهات ، وتجهيز الآلات والمنجنيقات ، ونزل عليها في أوائل السنة ، وشدد القتال ، وضاعف الاجتهاد والاحتفال ، فأخذت في الرابع من شهر ربيع الآخر سنة 688 ه ، وبذل السيف في أهلها ، واستحكم القتل من شيخها وكهلها ، وأسر الشبان والعذارى ، وأمر السلطان بإخراجها ، وإحراق أسوارها وأبوابها ، فخربت وأحرقت . وعاد إلى الديار المصرية مظفر منصورة ، ولم تزل مملكته متسقة النظام ، ودولته صافية الليالي والأيام ، وهو خلى البال من عدو ناصبه أو جيش يحاربه ، وقرن يضاربه ، إلى أن دخلت سنة تسع وثمانين وستمائة . فبلغه عن أهل عكا أنهم قد أكثروا الفساد بتلك البلاد ، واعتمدوا الإضرار بالتجار ، وقتلوا من المسلمين ثلاثين نفرا ، فغاظه ذلك ، وغضب وراسلهم بالإنكار ، واسترجاعهم عن العدوان والإضرار . فأبوا إلا التمادي على الإصرار ، وإبداء الأعذار . فأمر العساكر بالتأهب والتجهيز ، فتأهبوا وخرج الدهليز المنصور بمسجد التين ، وترك ولده الملك الأشرف بالقلعة . وأقام ريثما يكمل روج العساكر ، ثم بعد ذلك يسافر .
صفحه ۸۸