القصرين قد كملت هي والتربة التي بإزائها ، والمارستان ، وكتاب السبيل . وكانت مدة عمارتهم جميعا سبعة شهور لا غير ، لأنه حصل الشروع فيها في أوائل شعبان سنة 683 ه، والفراغ منها في صفر سنة 683 ه. وشاد العمارة الأمير علم الدين سنجر الشجاعي أحد المماليك السلطانية المنصورية ، وكان المشار إليه مشد الدواوين بالديار المصرية .
كانوا عليه من سوء التدبير ، وفرط التبذير ، وإضاعة ما كان والدهم خونه بها من الأموال الجزيلة ، والذخائر الكثيرة ، وجرد إليهم الأمير حسام الدين طرنطاي المنصوري نائب السلطنة وصحبته العساكر ، ونزل عليها أياما ، وحاصرها وضايقها ، واستمال من كان بها ، وبذل لهم الأموال . فأرسل إليه أولاد الملك الظاهر في طلب الأمان ، وتأكيد الأيمان . فأجابهم إلى ملتمسهم ، وضمن لهم عن السلطان صيانة أنفسهم ، ووعدهم عدات جميلة . فحينئذ نزل إليه الملك المسعود نجم الدين خضر ، والملك العادل بدر الدين سلامش ، ولدا الملك الظاهر . وتسلم الكرك في العشر الأول من صفر سنة 685 ه ، ورتب أحوالها . ولما وصل إلى الديار المصرية بالمذكورين ، تلقاهم السلطان بنفسه ، وبسط لهما مهاد أنسه ، وأمرهما بطبلخانتين ، ووصلهما وأسكنهما بالقلعة ، وصارا يركبان مع ولديه ، ويسيران في المواكب بين يديه . ولما أقاموا على ذلك . مدة ، فاتفق أن بلغه عن جماعة من المماليك الظاهرية الذين أبقاهم ، أنهم قد أزمعوا أمر ، وأضمروا غدرة . فأوجب ذلك إمساك المذكورين واعتقالهما . ولم يزالا في الاعتقال إلى أن مات السلطان .
صفحه ۸۵