يتعرضون إلى ماعداها من البلاد ، ولا يمدون أيديهم إلى الأسباب التي توجب الفساد ، فاجتمع إليهم من تلك من المماليك الظاهرية ، ومن هرب إليهم من الديار المصرية ، وتعرضوا إلى اللعب ، وخرجوا عما يجب ، وأخذوا الشوبك والصلت والبلقاء ، وترادفت رسلهم إلى البلاد الشامية يلتمسون أخذها ، وكل ذلك يبلغ السلطان وهو يغضبي . ولما بلغه أنهم سيروا إلى النائب بدمشق يرومون أخذها ، جهز إليها الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، فوصلها في ذي الحجة سنة 678 ه، فسولت له نفسه الاستبداد ، وخرج عن الطاعة ، وأبدي العناد ، وسمي روحه بالسلطنة ، ولقب بالملك الكامل ، وكاتب النواب بالحصون ، وثارت الفتن ، واختلفت الآراء ، وتشعبت الأهواء . فجهز السلطان من الديار المصرية عسكرة صحبة الأمير علم الدين الحلبي الصالحي ، والأمير بدر الدين الفخرى أمير سلاح . وعند وصولهم إلى غزة صادفهم وصول الأمير بدر الدين الأيدمرى من جهة الشوبك بمن معه من العسكر ، لأن السلطان كان قد جرده إليه لأخذه من الملك المسعود بن الملك الظاهر . فأخذه ، واجتمع المشار إليه بالأمراء ، واتفقوا جميعا ، وجرد إليهم سنقر الأشقر جيشا من دمشق صحبة الأمير بدر الدين بجكا العلائي ، فالتقيا على غزة ، وكسرتهم العساكر المصرية ، وتبعوهم إلى الكسوة . وخرج سنقر الأشقر بعسكر دمشق وحماه وحلب ، ومن جمعه إليه . ولما اصطفت الصفوف ، حمل الأمير علم الدين ، هو ومن معه ، على سنقر الأشقر ، فكسروهم ، وهزموهم ، ونجا بنفسه ، ولجأ إلى صهيون ، وتفرقت جموعه . وكانت مدته بدمشق أربعين يوما . وكاتب أبغا هولاكو ، وأرسل قصاد إلى ولده الذي هناك ، فإنه لما كان ببلاد التتار ، تزوج منهم وأولد أولادا ، وأقام بعضهم بعده بتلك البلاد ، فأرسل يستدعيهم إلى البلاد الإسلامية ، ويحضهم على قصد الديار الشامية . فجمع أبغا الجموع، وتجهز وتأهب لقصد البلاد . وتواترت الأخبار أنه أرسل أخوه منكوفر بالعساكر ، وأقام هو بالخابور . وعدت التتار الفرات في جمع عظيم ، وجيوش كأنها قطع الليل البهيم . فعند ذلك تجهز السلطان للقائهم ، وأمر العساكر بالتأهب . وخرج السلطان في ذي الحجة سنة 679 ه، ولما وصل إلى منزلة الروح اللجون في زمن الربيع ، أقام بها مدة شهر إلى أن تحققت الأخبار ، وتين التتار ، فأمر بالرحيل إلى جهة دمشق ، فأقمنا بها مدة يسيرة ، وخرج عن نفر من التركمان المقيمين بعنيتاب متحرمين إلى أقجادر بناد. وكان من جمتهم
صفحه ۷۲