73 - وحدثني عمرو بن محمد بن عمرو بن عثمان، عن أبيه، عن جده، قال:
((كان لي مجلس في ديوان الإنشاء قليل الجدوى علي، وحالي حال لا تنهض بما يحتاج إليه المقتصد، وقد لزمتني يمين لا كفارة لها في ترك النبيذ. فكان جماعة الكتاب يجلسون ما جلس الوزير -وهو يومئذ الفضل بن الربيع-، فإذا انصرف إلى منزله، انصرفوا إلى ما عقدوا عليه أمرهم من الاجتماع، وأقيم وحدي في الديوان إلى أن يغلق.
فبكرت إليه في يوم في الأيام، وجاءت مطرة تطرب الوزير فيها إلى الشرب، لتشاغل الرشيد في دعوة لزبيدة، فلم يبق في ديوان الإنشاء غيري. فإني لجالس حتى دخل إلي خادم من خاصة الرشيد، فأخذ بيدي، وأدخلني إلى الرشيد. فلما مثلت بين يديه، ((قال اقرأ هذا الكتاب!))، فقرأته، فبينته وأعربته فقال: ((أجب عنه بين يدي))، فأجبت عنه بأحسن معان وأجود لفظ. فقال: ((اقرأه علي))، فقرأته، فقال لمسرور الكبير: ((ألف دينار)). فجاء بها، فقال : ((ادفعها إليه، وقل للفضل يصرف إليه ديوان الإنشاء. فهو أحق به ممن غادره)). ثم قال لي: ((خذ هذا المال، وسأنظر لك في الوقت بعد الوقت ما يزيد في اصطناعي لك، فلا يفسد الغني ما أصلحته الفاقة من حسن ملازمتك، واستزدني أزدك)).
قال عمرو: ((فاجتهد الفضل بن الربيع أن يشرك بيني وبين من كان يتولى #114# الإنشاء، فلم يطلق له الرشيد ذلك وأفردني به، حتى فرقت الأيام بيننا)).
صفحه ۱۱۳