72 - وحدثني أحمد بن أبي يعقوب، قال: حدثني أبي:
((أن جبريل بن بختيشوع كان يخلف الأطباء في دار الرشيد وكانت به نزاهة، وبه فاقة شديدة، ورزقه يومئذ ثلاثمائة درهم في كل شهر. فوقع الرشيد في غشية لم يتقدمها علة، فأجمع الأطباء على أنه تالف، وأخبر ابن يختيشوع، فقال: ((ما له إلا علاج واحد وهو أن يحجموه))؛ فقال محمد الأمين: ((أخاف أن أخاطر به))؛ ثم قال: ((قد أيسنا منه، والصواب أن نمتحن هذا فيه)). فأحضروا الحجام فجمع الدم في أخدعيه وهو مستلق؛ ثم أخرج من دمه محجمتين، ففتح الرشيد عينيه، واستدعى طعامه، وأكل ونام.
فلما انتبه اقتص عليه المأمون ما جرى عليه [أمره، وأذن] للداخلين في تهنئته بالسلامة. فلما اكتملوا قال لهم: ((يا معاشر الأمراء والأطباء! إنما ارتبطتكم لحراسة نفسي، وقد حدث علي حادث لم يغن عني فيه بعد الله عز وجل إلا هذا الغلام! ونصيبه مني نزر، ونصيبكم وافر. فاعدلوا ميل المملكة بأن يجعل له كل رجل منكم نصيبا من إنعامي عليه وإحساني إليه، حتى يكون له من جماعتكم ما يوازي ما تقدم عليه به في حسن الدفاع عني)).
فتسرع الناس إلى جبريل فأعطوه الضياع والدور والأموال. وما برح حتى كان أيسر من في المملكة، وتربت النعمة لديه وولده حتى وازت نعم الخلفاء.
صفحه ۱۱۲