============================================================
ثم إن محاربته وقهره - فيما قاله علماؤنا رضي الله عنهم - في ثلاثة أشياء: أحدها: أن تتعرف وتتعلم مكايده وحيله، فلا يتجاسر حينئذ عليك، كاللص إذا علم أن صاحب الدار قد أحس به.. فر.
والثاني : أن تستخف بدعوته، فلا تعلق قلبك بذلك وتتبعه؛ فإنه بمنزلة الكلب النابح؛ إن أقبلت عليه. . أولع بك ولج، وإن أعرضت عنه. . سكت .
والثالث : أن تديم ذكر الله تعالى بلسانك وقلبك، فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ذكر الله تعالى في جنب الشيطان كالأكلة في جنب أبن آدم"(1).
فإن قلت : كيف تعلم مكايده ؟ وكيف الطريق إلى معرفة ذلك ؟
فاعلم (أولا] : أن له وساوس هي بمنزلة السهام التي يرميها، وذلك إنما يتبين لك بمعرفة الخواطر وأقسامها والثاني : أن له حيلا بمنزلة الشبكات التي تنصبها ، وذلك يتبين لك بمعرفة المكايد وأوصافها ومجاريها ولقد ذكر علماؤنا رضي الله عنهم أبوابا في الخواطر، وقد صنفنا كتابا سميناه : "تلبيس إبليس" ، وكتابنا هاذا لا يحتمل الإكثار، للكنا نذكر لك إن شاء الله تعالى من كل واحد منها أصلا كافيا إذا أعتصمت به.
فأما أصل الخواطر : فاعلم أن الله تعالى وكل بقلب أبن آدم ملكا يدعوه إلى الخير، يقال له : (الملهم)، ولدعوته : (إلهام)، وسلط في مقابلته شيطانا يدعو العبد إلى الشر يقال له : (وسواس)، ولدعوته : (وسوسة)، فالملهم
صفحه ۸۷