============================================================
فاعلم: أن هلذه وردث، وورد أيضا : " الزم بيتك، وعليك بالخاصة ، ودع أمر العامة"(1)، وأمر بالعزلة والتفرود في الزمان الشوء ، ولا تناقض في قوله صلى الله عليه وسلم ، ولا بد من الجمع بين الحديثين بحول الله وتوفيقه .
فأقول : قوله صلى الله عليه وسلم : "عليكم بالجماعة " يحتمل ثلاثة اوجه: أحذها : أنه يعني به في الدين والحكم؛ إذ لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة، فخرق الإجماع، والحكم بخلاف ما عليه جمهور الأمة، والشذوذ عنهم.. باطل وضلا، وأما أن يعتزل عنهم لصلاح في دينه.. فليس هلذا من ذلك في شيء: والثاني : (عليكم بالجماعة)؛ بألا تنقطعوا عنهم في جمعهم وجماعاتهم ونحوها؛ فإن فيها قوة الدين ، وجمال الإسلام ، وغيظ الكفار والملحدين، ولا يخلو ذلك من بركات ونظر من الله عز وجل بالرحمة ، وكذلك نقول : إن حق المنفرد أن يشارك الناس في الجموع العامة في الخير ، وأن يجانبهم في الضحبة والمزاحمة في سائر الأمور ؛ لما فيها من ضروب الأفات:.
والثالث : أن ذلك في غير زمان الفتنة للرجل الضعيف في أمر الدين، وأما الرجل البصير القويي في أمر الله تعالى إذا رأى زمان الفتنة الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة منه ، وأمرهم بالعزلة فيه. . فالعزلة أولى؛ لما في الخلطة من الفساد والآفة ، ولا ينقطع من جموع الإسلام والخيرات العامة ، وإن أراد أن ينفرد عن الناس بمرة. . فليسكن شاهق جبلي ، أو بطن فلاة ، لصلاح يراه في دينه.
ثم قلث : ولا أرى مثل هذذا الرجل أينما كان إلا ويمكنه الله عز وجل من حضور الجماعات والجمعات وسائر جموع الإسلام، فيحضر لئلا يفوته الحظ
صفحه ۸۰