============================================================
نهارك شغل الناس من غير منة وليلك شوق غاب عنه الطلاتع فدونك هذا الليل خذه ذريعة ليوم عبوس عز فيه الذرائع نعم؛ يكون بالنفس معهم والقلب ما أبعده عنهم! وذلك لعمري أمر شديد، وعيش نكذ ، وفيه يقول شيخنا رحمه الله في وصيته : يا بني، عش مع أهل زمانك ولا تقتد بهم ، ثم قال : ما أشد هذا العيش مع الأحياء والاقتداء بالأموات وعن أبن مسعود رضي الله عنه أنه قال : (خالط الناس وزايلهم، ودينك لا تكلمنه)(1)، فهلذه نكتة مقنعة .
ثم أقول : إذا ماج الفتن بعضها في بعض، وتراجع الأمر، وولى الناس عن
أمر الدين مدبرين، لا يرقبون في مؤمن إلأ ولا ذمة، ولا يطلبون عالما ، ولا يرمقون مفيدا، ولا يعنيهم أمر دينهم ألبتة، وترى الفتنة تعم العامة ، وتدث بين الخاصة.. فللعالم العذر في العزلة والتفرود ودفن العلم، وأخاف أن ما ذكرناه هو هلذا الزمان النكذ الصعب ، والله المستعان ، وعليه الثكلان: فهاذا حكم العزلة والتفرود عن الناس ، فافهمه؛ فإن الغلط فيه عظيم، وضرره كثير، وبالله التوفيق.
فإن قيل : أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " عليكم بالجماعة ؛ فإن يد الله تعالى على الجماعة "(2) ، ول" إن الشيطان ذئب الإنسان ، يأخذ الشاذة والناحية والقاصية"(3) ، وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الشيطان مع الفذ، وهو من الاثنين أبعد "(4).
صفحه ۷۹