موضع نصب بـ"ترى"، وإن كان "ذا" بمنزلة "الذي" كان التقدير: ما الذي تراه، والضمير محذوف من الصلة، فعلى أي الوجهين حملت الآية، فالفعل متعد إلى مفعول واحد، فلا مذهب للإدراك بالبصر هنا، وليس السؤال عنه، إنما السؤال: هل تتابعني على ما أحاول من ذبحك، وتنقاد لي؟
ومما وقع في هذا منقولًا بالهمزة قوله تعالى ﴿إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله﴾. واستدل أبو يوسف بهذه الآية على جواز الاجتهاد من النبي ﷺ. ووجه ذلك أن النقل بالهمزة لا يخلو من أن يكون من "رأيت" التي هي بمنزلة "واعتقدت"، أو التي بمعنى "أبصرت"، أو المتعدية إلى مفعولين. فلا يجوز أن تكون من التي بمعنى "أبصرت" فيكون كقولك "أراني زيد الهلال"؛ لأن حكم الرسول ليس بمقصور على ما يبصر، إنما يحكم عرفه الله ودله عليه. فإذا كان كذلك علمت أنه لم ينقل من التي بمنزلة "أبصرت". ولا يجوز أيضًا أن يكون النقل من المتعدية إلى مفعولين؛ لأن تلك إذا نقلت بالهمزة تعدت إلى مفعولين لم يقتصر عليهما في قول الناس جميعًا حتى تعدى إلى المفعول الثالث؛ ألا ترى أنك إذا قلت: أرى الله زيدًا عمرًا، لم يكن بد من أن تعديه إلى المفعول الثالث من حيث كنت إذا عديته إلى المفعول الأول قبل النقل، لم يكن بد من أن تعديه إلى المفعول الثاني؛ لأن المفعول الثاني هو خبر المبتدأ في المعنى، فكما لا يقتصر على المبتدأ دون خبره، كذلك لا يقتصر على المفعول الأول في "علمت زيدًا" حتى تقول "خير الناس" وما أشبهه. وإذا لم يجز الاقتصار على المفعول الأول في باب "علمت"، لم يجز الاقتصار على الثاني دون الثالث في باب "أعلمت"؛ لأن الثالث في
1 / 70