فضله هو خيرًا لهم﴾. والمعنى: لا تحسبن بخل الذين يبخلون، فكما حذف المفعول الأول في الآية، وأقيم المضاف إليه مقامه، كذلك حذف في الحديث، وأقيم المضاف إليه مقامه.
فأما النظر في قوله تعالى: ﴿ولا ينظر إليهم﴾ فقال أبو الحسن الأخفش: إنه كقول الرجل: إنما أنظر إليك، إذا كان يُنيله شيئًا، فليس حقيقة النظر عندي في الرؤية، وإن كان يجوز أن يقع عليها في الاتساع لما كان تقليب العين نحو المبصر؛ بدلالة قول ذي الرمة:
فيامي هل يجزى بكائي بمثله ... مرارًا، وأنفاسي إليك الزوافر
وإني متى أشرف على الجانب الذي به أنت، من بين الجوانب ناظر
فاقتضاؤه الجزاء على ذلك يدل على أنه ليس بإبصار، وأنه علاج بمنزلة البكاء، والتنفس نحو ذلك، واقتضى الجزاء عليه كما اقتضى عليها، ولون كان رؤية لم يسغ ذلك فيها؛ لأن المحب لا يقتضي ممن يحب على رؤيته له جزاء، بل الأمر بعكس ذلك؛ ألا ترى أن أبا العباس أنشد:
إذا كلمتني، وكحلت عيني ... بعينك، فامنعي ما شئت مني
فإن قلت: فقد اقتضى على زور طيفه الجزاء، وهذا مما يشتهيه المحب ويريده، فما تنكر أن يقتضي على الرؤية وإن كان يحبها؟
1 / 66