ذلك أن الميم فاء. حكى ذلك أبو عبد الرحمن صاحب أبي الحسن الأخفش.
فأما قوله تعالى ﴿أفرأيتم النار التي تورون﴾ فهو من "روي الزند بري" و"أرواه القادح"، وفي التنزيل ﴿فالموريات قدحًا﴾، وليس من باب "رأى" و"رأيت" في شيء.
وقيل في قول ابن مقبل:
سل الدار من جنبي جبرٍ فواهبٍ ... إلى ما رأى هضب القليب المضيح
رأى: حاذى وقابل. وهذا اتساع؛ لأن الرؤية بالبصر التي هي إدراك للمرئي تكون بمحاذاته ومقابلته، فجعل المقابلة رؤية وإن خلت من الإدراك، أو تكون إرادته من هذا المكان بحيث لو كان يدرك ببصره لأدركه منه.
ومن هذا ما في الحديث في المؤمن والكافر "لا تتراءى ناراهما" أي: لا تتحاذى فلا تتقابل، والمعنى به الكافر الحربي دون الذمي؛ لأن الذمي غير ممنوع من ملابسته والمناكحة وأكل الذبيحة، وإنما هو على من لم يكن ذا عهد أنه لا يقارّ في دور الإسلام حتى يصير ذمة بأداء الجزية، أو يكون على نهي المسلمين عن الإقامة بدار الحرب لتعريضه دمه للإباحة.
1 / 62