[42] فالعلة التي من أجلها ليس يظهر الضوء في الهواء في سائر الليل هو بعد الهواء المضيء المقابل للشمس عن وجه الأرض وضعف الضوء الذي يصدر عن الضوء الذي في هذا الهواء المضيء وقصور قوته عن الوصول إلى وسط الأرض. والعلة التي من أجلها يظهر الضوء في الهواء عند الفجر وفي أول الليل ويشرق على وجه الأرض عند الصباح وعند العشاء هو قرب الهواء المضيء المقابل للشمس من البصر وقرب حاشية الظل في هذه الأوقات من وجه الأرض. ولهذه العلة، أعني القرب، صار أول مايظهر من الفجر يظهر مستدقا مستطيلا لأن أقرب حواشي الظل من البصر في هذا الوقت هو خط واحد مستقيم، وهو الخط المستقيم الممتد في سطح خروط الظل الذي يمر بأقرب النقط من محيط قاعدة الظل إلى البصر في ذلك الوقت، إذ البصر في هذه الحال ليس هو في وسط مخروط الظل بل هو مائل عن الوسط إلى الجهة من محيط قاعدة الظل التي تلي جهة الشمس، فالنقطة التي هي طرف قطر قاعدة الظل الذي يمر موضع البصر في هذه الحال التي تلي جهة الشمس هي أقرب إلى البصر من جميع النقط التي على محيط قاعدة الظل. وأريد بقاعدة الظل ها هنا السطح الذي يمر موضع البصر ويقطع مخروط الظل. والخط الذي خرج من هذه النقطة ويمتد في سطح خروط الظل هو أقرب الخطوط التي في سطح المخروط في هذه الحال من البصر. فقد تبينت العلة التي من أجلها يظهر الضوء في الجو وعلى وجه الأرض عند الصباح وعند العشاء ولا يظهر في سائر الليل.
[43] وقد بقي أن يقال: إذا كان الضوء الذي يدركه البصر في الجو عند الصباح وعند العشاء هو ضوء في الهواء، وإنما يدركه البصر عند الصباح وعند العشاء من أجل قربه من البصر، فقد كان يجب أن يدرك البصر الضوء في الهواء الذي بين الجدران وفي دواخل البيوت في سائر النهار، إذ هذا الهواء مضىيء في سائر النهار وقريب من البصر، وليس يدرك البصر الضوء في هذه الأهوية بل إنما يدرك البصر الضوء على جدران البيوت ولا يدرك في الهواء الذي فيما بين الجدران شيئا من الضوء، فليس الضوء الذي يدركه البصر في الجو عند الصباح وعند العشاء ضوءا في الهواء.
صفحه ۹۲