فإذا صعد هذه العقبة، فينبغي له أن يطلب صاحبا عفيفا، ثقة، صالحا،يذكره إذا نسي،ويعينه إذا ذكر؛ لأنه قيل: الرفيق قبل الطريق، ولما روي أن النبي - عليه السلام - نهى عن الوحدة (1)، وبلغنا أنه - عليه السلام - نهي أن يسافر الرجل وحده، أو أن يبيت في بيت وحده، أو يغتسل وحده، إلا وعنده إنسان، أو يقيل(2) وحده إلا وعنده إنسان، أو أن يدخل بيتا مظلمة، ليس فيها مصباح(3)، ومن طريق ابن عمر عنه - عليه السلام - ، قال: "لو يعلم الناس ما في الوحدة، ما سار أحد بليل وحده، ولا نام بليل وحده أبدا"(4)، وبلغنا عنه - عليه السلام - أنه رأى رجلا متوحدا في سفر ليس له صاحب، قال: "أين يذهب هذا الغاوي؟"، ثم مر به اثنان مسافران، فقال: "أين يذهب هذان الغاويان؟ ثم مر به ثلاثة، فقال: "يذهب هؤلاء الرشدة" (5)، وفي رواية أخرى عنه - عليه السلام - أنه خرج إلى الحرة(6)
__________
(1) رواه أحمد في مسنده 2/91، رقم.ح 5650.
(2) يقيل: القائلة: الظهيرة، وقد تكون بمعنى القيلولة، وهي النوم الظهيرة، والمقيل: الاستراحة نصف النهار.ينظر: ابن منظور، (لسان العرب) 11/374، مادة "قيل".
(3) رواه أحمد في مسنده مختصرا من طريق عطاء مرسلا 2/ 219، رقم.ح 5618، وراوه ابن أبي شيبة مختصرا في كتاب الأدآب، في 168- في الرجل يبيت وحده،، 5/311، رقم.ح 26379، ، ورواه الطبراني من طريق جابر في الأوسط مختصرا 7/292، رقم.ح 7397.
(4) رواه من طريق ابن عمر: البخاري (56) كتاب الجهاد والسير، (135) باب السير وحده، ح رقم 2998، ورواه الترمذي (21) كتاب الجهاد، (4) باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده، ح رقم 1673، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجه، في (33) كتاب الآداب، (45) باب كراهية الوحدة، ح.رقم 3768.
(5) لم نقف على تخريجه.
(6) الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرات، كأنها أحرقت بالنار، وفي المدينة حرتان: حرة قباء، وحرة واقم، وهي الشرقية، سميت برجل من العماليق، وقيل: واقم، اسم أطم من آطام المدينة، وفي هذه الحرة، وقعت الوقعة المشهورة، وقعة الحرة، سنة 63 ه في أيام يزيد بن معاوية. ينظر: البكري، (معجم ما استعجم) 2/438 ، والحموي، (معجم البلدان) 3/138 - 141.
صفحه ۵۰