مالك(1) أيضا، وذهب آخرون إلى أنهم إنما خوطبوا بالإيمان أولا، ثم بسائر الفروض بعد ذلك ثانيا، وزعموا أنهم لو أتوا بالفروض غير التوحيد، لما سموا مطيعين، واحتجوا أيضا بحديث معاذ بن جبل ~ حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فقال له: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات"(2) الحديث.
والمسألة أصلية(3)
__________
(1) مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي الحميري، أبوعبدالله، المدني الفقيه، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، وإمام المذهب المالكي، روى عن: نافع مولى ابن عمر، والزهري، وصالح بن كيسان وغيرهم، روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وشعبة، وعبدالرحمن بن مهدي وغيرهم، وكان ثقة، مأمونا، عالما، حجة، له " الموطأ" و "المدونة"، مات سنة179ه-، ينظر القاضي عياض، (ترتيب المدارك) 1/102-253، وابن حجر (تهذيب التهذيب)10/5-8.
(2) رواه من طريق ابن عباس: البخاري في (24) كتاب الزكاة، في (24) باب أخذ الصدقة من الأغنياء، وترد في الفقراء حيث كانوا، ح.رقم 1496، ورواه أبو داود في(9) كتاب الزكاة، في (5) في زكاة السائمة، ح.رقم1584، ورواه النسائي في(23) كتاب الزكاة، في(1) باب وجوب الزكاة، رقم.ح 2437.
(3) لابد قبل الخوض في هذه المسألة أن نوضح أن أصول الشريعة كالإيمان بالله - تعالى -، وتصديق الرسل، هم مكلفون بها إجماعا، أما الفروع كأداء الصلاة، والزكاة، والصوم والحج وغيرها، فهنا اختلف العلماء فيها إلى مذاهب:
1.أنهم مخاطبون بها مطلقا في الأوامر والنواهي، بشرط تقدم الإيمان.
2.أنهم غير مكلفين بالفروع، وهو قول جمهور الحنفية، وبه قال القاضي عبدالجبار من المعتزلة، والأستاذ أبو حامد الأسفراييني من الشافعية، ونقل بأنه الظاهر من مذهب مالك.
3.أنهم مكلفون بالنواهي دون الأوامر؛ لأن الانتهاء ممكن في حالة الكفر، ولا يشترط فيه التقرب، فجاز التكليف به دون الأوامر، فإن من شرط الأوامر العزيمة، وفعل التقريب مع الجهل بالمقرب إليه محال، فامتنع التكليف بها، وقيل غير ذلك.
ينظر: الفخر الرازي (المحصول) 2/237-246، والزركشي(البحر المحيط)1/397-403، ونجم الدين أبي الربيع سليمان الطوفي (شرح مختصر الروضة)، 1/205-213.
صفحه ۳۸