.
وأما الإجماع، فقد اجتمعت الأمة بأسرها أن الحج واجب على من استطاع إليه سبيلا، وإن اختلفوا في الاستطاعة على ما سيأتي في موضعه - إن شاء الله -.
مسألة
فإذا ثبت وجوبه، فهل يتكرر أم لا ؟؛ لأن الأمر عند بعض أهل الأصول إذا ورد يقتضي التكرار(1)
__________
(1) مسألة تكرار الأمر:
لا خلاف بين الأصوليين إذا قال شخص: أعط زيدا مرة، بأنه مقيد بالمرة، وإذا قال: أعط زيدا مرارا، بأنه يفيد التكرار.
أما صورة التكرار في هذه المسألة، تتصور في حالتين:
الأولى: أن يختلف المأمور به ك-"صل ركعتين، صل أربعا"، فهنا اختلف الأمران، فكلا الأمرين واجبان باتفاق العلماء.
الثانية: أن يتفق المأمور به ك-"صل ركعتين، صل ركعتين"، ففي وجوب الأمرين معا خلافا بين العلماء:
1.إن الأمر المطلق لا يدل على المرة، و لا على التكرار، وإنما يدل على طلب الماهية، والماهية تتحقق في المرة الواحدة، وتتحقق في غيرها، إلا أن الواحدة هي أقل ما تتحقق به الماهية، وهو قول الفخر وتابعه البيضاوي.
2.أن كلا الأمرين واجب، فيجب الامتثال لكل واحد منهما، فالواجب في قولك: "صل ركعتين، صل ركعتين"، وجوب كل ركعتين بالأمر إلا إذا صرفته عن ذلك قرينة، والقرائن تختلف منها عقلية، ومنها شرعية إلى غير ذلك، كما هي مبسوطة في كتب الأصول، وهو ما عليه الشيخ السالمي ~.
3.الوقوف عن حمل الأمر الثاني على التأكيد، وعن حمل الثاني على التأسيس، إذ كلا الأمرين محتمل، ولا مرجح لأحدهما على الآخر، فوجب التوقف، واختاره إمام الحرمين.
4.إذا أعيد الأمر الثاني بالعطف، فالأمر الثاني غير الأول، فيجب امتثال الأمرين معا؛ لأن التعاطف يلزم منه التغاير، أما إذا لم يعد، فوجب حمله على التأسيس.
يظر: الباجي،(إحكام الفصول)، ص94- 96، والعجلي الحنبلي،(الكاشف عن المحصول في علم الأصول)، 3/287-304، والشيخ السالمي، (طلعة الشمس)، 1/60- 62، والدكتور محمد أبو النور،(أصول الفقه)، 1/125-131.
صفحه ۱۸