موقعة كساره وحرق زحلة
ولما رأى حساد زحلة ثبات مقاتليها أرادوا أن يدمروها، وكان الدروز قد فرغوا من مقاتلاتهم فتفرغوا لذلك فاجتمعوا في سهل البقاع من لبنان ووادي التيم وحوران وانضم إليهم العربان من حوران وسورية والشيعيون من بلاد بعلبك والبقاع مع بعض النصارى، الذين في حوزتهم حتى أربوا على خمسة عشر ألف مقاتل، وقيل عشرين ألفا بين فرسان ومشاة مدججين بالأسلحة، فالأطرش خيم في قب إلياس، والعماد خيم في المرج، وأحدقوا بزحلة من جهاتها الثلاث إلا جهة الغرب من طريق البياضة إلى صنين والمتين، فهذه بقيت مفتوحة وكانت مآكل الزحليين كثيرة وحاجاتهم وافرة، ولكن ذخيرتهم الحربية غير كافية؛ لأنهم فقدوا كثيرا منها بمهاجماتهم المارة الذكر فشعروا بحرج موقفهم وانفرادهم في القتال واجتماع القوات كلها عليهم. فتداول الأسقفان باسيليوس شاهيات ومتوديوس صليبا، وأرسلوا إلى قناصل الدول في بيروت عرائض الاستغاثة والاستنصار، فقابل القناصل الوالي خورشيد باشا ثم كتب إليهم أنه أرسل أمرا إلى الدروز ليوقفوا القتال وسيرسل عسكرا لخفارة زحلة،
49
وطلب من القناصل أن يمنعوا النصارى عن الاجتماع في زحلة ليستطيع كف الدروز عن مهاجمتها إذ لا يعود لهم من حجة، فأرسل الجواب إلى الزحليين بما جرى. وكان يوسف بك كرم الأهدني قد حضر بعسكره إلى المروج في صرود (جرود) المتن فوق زحلة. ويوسف آغا الشنتيري من بكفيه قد جمع رجال المتن والقاطع بالقرب من مخيم الأهدنيين، فكتب إليهما القناصل يستوقفونهما عن التقدم إلى زحلة، وأن يتربصا هناك لينظرا ماذا يحدث. وكتب مور قنصل إنكلترة العام إلى الشيخ إسماعيل الأطرش يستوقفه عن مهاجمة زحلة، فأجابه بما يفيد التربص.
50
وأرسل خورشيد باشا سليمان نوري بك أمير الألاي بفرقة نحو أربعمائة من الجند النظامي مجهزة بالذخائر والعدد الحربية ومدفع، فبقي ثلاثة أيام من بيروت إلى غربي زحلة على بعد ساعة منها، فخيم فيها في اليوم الثالث في حزيران ولم يبد ما يدل على إيقاف المهاجمين
51
بل تهدد الزحليين، وكان قد سار ثلاثة من وجوههم إلى يوسف بك كرم، وألحوا عليه بالحضور لنجدتهم فوعدهم أنه يحضر في اليوم الثاني الذي هو الأحد، فخرج في غد ذلك اليوم جماعة منهم لملاقاته عند حجر الأطرش قرب عين حزير، وذبحوا الذبائح وأعدوا الأطعمة متوقعين قدومه فلم يأت، فازدادوا قلقا وأرسلوا إليه من استحثه للقدوم فوعد أن يأتي في اليوم الثاني، الذي هو الاثنين في 6 و18 حزيران. وكان الدروز قد علموا بكل ما جرى للزحليين فرأوا من الحكمة مفاجأتهم قبل أن تأتيهم النجدات.
ويوم الأحد في 5 و17 حزيران وصلت نجدة إلى زحلة من بسكنته نحو أربعمائة رجل بقيادة الأمير أحمد طرودي اللمعي وفارس سبع أيوب، وكان الزحليون قد أعدوا المتاريس وحصنوها وتأهبوا للدفاع ومتاريسهم كانت هكذا (1) متراس بيت القاصوف في أعلى حارة الراسية من الغرب لخفارة طريق صنين والمتن من جهة البياضة (2) متراس بيت أبي عبيد يوسف البريدي (محل الكلية الشرقية الآن) (3) متراس آخر فوق مقبرة المعلوفيين في شمالي حارة الراسية على طريق الكروم (4) متراس فوق بيت أبي علي المعلوف (وهو الآن دار مرسلي الأمركان) (5) متراس البيادر فوق تل شيحا وقرب عين الدخن (فوق دار الحكومة الآن) (6) متراس بيت الهندي المسلمين بين متراس بيت أبي علي والبيادر (7) متراس سيدة النجاة الكاتدرائية (8) متراس بيت حبيب بك العن (بيت يوسف بالشن الآن) قرب الجسر الكبير في الحارة السفلى (التحتا) (9) متراس في كنيسة البربارة في القاطع. وكانت هذه المتاريس مرتبة يخفرها الفرسان وعلى كل منهما وكلاء لتوزيع المآكل والذخائر وجميع حامية المدينة نحو ألف وخمسمائة رجل بين فرسان ومشاة.
ويوم الاثنين الواقع في 6 و18 حزيران
صفحه نامشخص