فلم يجبه وواصل: داري معروفة لمن يريد.
فقال كالمعتذر: عملي يستغرق نهاري كله. - إنك لا تدري ما عملك. - لكني حلاق يا سيدي.
فلم يحفل بإجابته وسأله: لماذا حضرت مولد الوراق؟ - أحب الموالد من صغري. - ماذا تعرف عن الوراق؟ - إنه ولي من الصالحين. - إليك قصة رويت عن لسانه، قال: «أعطاني شيخي بعض وريقات بقصد أن أرميها في النهر، فلم يطاوعني قلبي على هذا العمل، ووضعتها في بيتي وذهبت إليه وقلت له قد أديت أمرك، فسألني وماذا رأيت؟ فقلت: لم أر شيئا، فقال: لم تعمل بأمري .. ارجع فارمها في النهر، فرجعت متشككا في العلامة التي وعدني بها، ورميتها في النهر، فانشق الماء وظهر صندوق وفتح غطاؤه حتى سقطت الوريقات فيه، فقفل والتقت المياه، فرجعت إليه وأخبرته بما حصل فقال لي: الآن رميتها، فسألته أن يبين لي سر ذلك، فقال: قد كتبت كتابا في التصوف لا يمكن أن يناله إلا الكمل، فطلبه منى أخي الخضر، وقد أمر الله المياه أن تأتيه به.»
فذهل علاء الدين ولاذ بالصمت، فمضيا معا على مهل، والشيخ يقول: ومن أقواله المأثورة: «فساد العلماء من الغفلة، وفساد الأمراء من الظلم، وفساد الفقراء من النفاق.»
فتمتم علاء الدين منتشيا: ما أعذب حديثه!
فقال بصوت ارتفع درجة في هدأة الليل: فلا تكن من قرناء الشياطين.
فتساءل مدفوعا بشوق ساخن: من هم قرناء الشياطين؟
فأجابه الشيخ: أمير بلا علم، وعالم بلا عفة، وفقير بلا توكل، وفساد العالم في فسادهم.
فقال علاء الدين بحماس: أريد أن أفهم. - الصبر يا علاء الدين، ماهي إلا بداية تعارف على مشهد من النجوم، وداري معروفة لمن يريد.
6
صفحه نامشخص