دق جرس التليفون في بيتي في أحد الأيام وكان المتحدث د. طلبة عويضة أمين عام الحزب الوطني بالشرقية، وأخبرني أن الرئيس يريدني أن أنضم إلى الحزب الوطني؛ لأنه يريد أن يرشحني لمجلس الشورى، ولما كنت مؤيدا كل التأييد للسادات فلم أجد ما يمنعني من الانضمام وأرسل إلي الدكتور طلبة أوراق العضوية، وانضممت إلى الحزب الوطني.
وكلمت زميل دراستي الوزير حلمي عبد الآخر أن يرشح الحزب عبد الفتاح الشناوي في المطرية ووعد خيرا، وعلمت بعد ذلك أن اسمي عرض في اجتماع الهيئة البرلمانية لمجلس الشعب في الشرقية، كان الحزب قد ارتأى أن يعرض أسماء المرشحين في كل محافظة على أعضاء مجلس الشعب بها، وكان الحاضرون في الجلسة خمسة وعشرين عضوا عرفت أنهم وافقوا بالإجماع على ترشيحي في مجلس الشورى، فحمدت الله على هذه الثقة، وسافرت لقضاء المصيف بالإسكندرية، ومن هناك وقبل ظهور الترشيحات بيوم واحد طلبت أخي المرحوم حلمي عبد الآخر لأطمئن على ترشيح عبد الفتاح الشناوي فقال لي: لن يظهر اسمه في الترشيحات ولن يظهر اسمك أنت أيضا.
فضحكت وقلت: أنا لم أطلب الترشيح لنفسي.
فقال: الرئيس السادات قال إن ثروت أباظة لا يجوز أن يرشح عن دائرة واحدة في القطر المصري، بل من حقه أن يمثل مصر كلها، ولذلك فقد قررت أن يكون اسمه بين المعينين لا بين المرشحين.
وقد سعدت بهذا التقدير وحمدت الله أن وقاني من جهد الانتخابات المضني.
وفي هذه الأثناء كان اتحاد الكتاب قد أعلن أنه يرجو الرئيس السادات الموافقة على أن يكون الرئيس الفخري للاتحاد، ووافق الرئيس السادات، وكان رئيس الاتحاد في ذلك الحين توفيق بك الحكيم، وكنت نائب الرئيس، وحدد لنا الرئيس السادات موعدا للقائه وإهداء وثيقة الرئاسة الفخرية له في منزله بالمعمورة، وكنا في رمضان وتناول أعضاء الاتحاد طعام الإفطار بنادي السيارات بالإسكندرية، وكنت قد أعددت كلمة ألقيها أمام الرئيس وبعد الإفطار قصدنا إلى استراحة الرئيس واستقبلنا بكثير من الحفاوة وأحببت أن أمازح توفيق بك الحكيم الذي أجلسه الرئيس بجانبه، فذهبت وملت على أذن الرئيس السادات، فإذا بالرجل العظيم يهب واقفا لا أحادثه وأنا واقف وهو جالس فقلت له بصوت يسمعه توفيق الحكيم: أتعرف سيادتكم لماذا أنابني توفيق بك في إلقاء كلمة الاتحاد؟ - لماذا؟ - لأنه سيكتب ولا ينال أجرا على ما كتب.
وضحك الرئيس ملء فمه وقال لتوفيق بك: لماذا يعاكسك أبناؤك يا توفيق بك؟
وضحك توفيق بك.
وألقيت كلمتي وعلق عليها الرئيس السادات تعليقا كريما، ومن طريف ما دار حول الكلمة أن عضوا من الاتحاد مشهورا بتفاهته سألني هل أنت الذي كتبت هذه الكلمة؟ فلم أجب سؤاله وإنما رويته على سبيل الفكاهة لصديقي سعد وهبة، فضحك وقال: إن لم يكن أنت كاتبها فلا بد أن يكون طه حسين هو الذي كتبها، فهذا الأسلوب لا يكتبه إلا هو.
وقد رويت هذه الواقعة لأظهرك على مدى التفاهة التي قد يصل إليها بعض مدعي الأدب.
صفحه نامشخص