<1/ 77> فصل في جوابه لابن شيخان في مسائل الفرار من الطاعون ومنع البلاد عن المسافرين القادمين من مواضعه ومعاني أحاديث العدوى قال رحمه الله: الحمد لله وحده والصلاة على رسول الله وآله وصحبه. أما بعد: فسلام على الشيخ محمد بن شيخان من محمد اطفيش قائلا: اعلم رحمك الله أن الفرار من الطاعون هو المحرم، وأما الحذر منه وعن مظانه فهو أمر شرعي ولو لم يثق بوجود المحذور فمن جاء من بلد الطاعون يحذر منه إذا خيف أن يكون فيه سبب العدوى ولا عدوى إلا بالله. وقد يقال: أي دليل على أن القادم من بلد الطاعون فيه طاعون أو يحمل عدواه؟ فقد يجاب أن المتقدمين من قومنا ومن خارجي الملة قد ثبت عندهم أن الآتي من بلده يتحمل عدواه، وذلك بالله، وإنما اختلفوا في جواز حبس القادم وتحذر مظنة السوء كما يحذر المقطوع لسوئه، وتحصل العدوى بالله عز وجل، أو تحدث المضرة بالعفونة وضيق المسكن وبالريح. ومما يدل على التحريم شرعا ما لم يوجد أنه لعلة قد وجد ما ثبت في الأثر أنه ينبغي أن يفر الإنسان بمن تزوج من في نسبها جذام ولو إلى سبعة آباء، وقول أبي عبد الله الغرناطي في باب أخذ الحذر: اتفق العلماء على جواز أخذ الحذر بما هو مظنة المضرة ولو عاد أخذه بضر على الإنسان المتحذر عنه، فإن هجر فأرض الله واسعة، وإن فعل به كل أحد ذلك جاز له هو الهجوم عليهم فيما لا بد منه له. والتحرز من الطاعون وليس هو فرار منه بل أخذ بالحذر المأمور به، وترتكب أخف الضرورتين، وهي هنا منع من جاء من أرض الطاعون احتياطا على العامة، وقد قال الله عز وجل: {خذوا حذركم} [سورة النساء: 71] فإنه وإن كان في العدو والقتال ولكن لا يخفى أن كل مضرة كذلك. وقد سن الفرار والسرعة من الجرف المائل ولو لم ير منه انهدام إن كان مظنة له
....................................
....................................
[صفحات لم ترقمن]
صفحه ۶۹