السَّاعَة أنْ يَتَّخِذ القُرآنَ مزاميرَ يُقدِّمونَ أحدهم ليسَ بأقَرئِهم ولا أفضلهم إلا ليغنِّيَهُم به غناءً» (١).
وأفتى النووي ﵀ [تعالى]- فِي قومٍ يقرؤون القُرآن بالتمطيط الفاحش والتغيير الزائد، بأنَّ ذلك حرامٌ بإجماع العلماء كما قاله غيرُ واحدٍ، ويجبُ على وَلِيِّ الأمر زجرُهم وتعزيرُهم واستتابتُهم، ويجبُ إنكار ذلك على كُلِّ مُكلَّف تمكَّن من إنكاره، ا. هـ.
وأمَّا اعتراض الأسنوي على ما مرَّ عن النووي فِي "الروضة" من التحريم عند تغيير القرآن عن موضوعه بأنَّه ضعيفٌ مخالفٌ لكلام الشَّافِعِي والأصحاب، قال: وبتَسلِيم التحريم، فالتفسيقُ به مُشكِلٌ لا دليل عليه، فالصواب أنَّه صغيرةٌ فهو مردود؛ ومن ثَمَّ قال الأذرعي عَقِبَه: وهذا كلامٌ يمجُّه السمع السليم، [ز١/ ١٧/ب] وأي دليل أعظم على التحريم والفسق من تغيير كلام الله - تعالى - بالنقص والزيادة فيه عمدًا؛ إذ غير العامد لا يُقال فيه: يعصي ويفسق، وإنما لم يُكفَّر لأنَّه لم يفعل الزيادة والنقص حقيقةً، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، وبه التوفيق، وكأنَّه توهَّم من النصِّ على أنَّه لا بأس [بالقراءة] (٢) بالألحان أنَّه على إطلاقه، وحاشا الشَّافِعِي من ذلك، ولا يقول عالم: إنَّ الحركات إذا أشبعت بالألحان حتى صارت حروفًا أنَّ ذلك
_________
(١) أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٤)، والطبراني في "الكبير" (١٨/ ٣٤)، و"الأوسط" (٦٨٥) من طريق عليم قال: كنَّا جلوسًا على سطحٍ معنا رجلٌ من أصحاب النبي ﷺ، قال يزيد: لا أعلمه إلا عبسًا الغفاري - والناس يخرجون في الطاعون، فقال عبس: الطاعون خذني، يقولها ثلاثًا، فقال له عليم: لم تقول هذا ألَمْ يقل رسول الله ﷺ: «لا يتمنَّى أحدُكم الموت، فإنَّه عند انقطاع عمله لا يرد فيستعتب»، فقال: إنِّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: «بادِرُوا بالموت ستًّا: إمرة السُّفهاء، وكثرة الشُّرَط، وبيع الحكم، واستخفافًا بالدم، وقطيعة الرحم ونشأً يتَّخذون القُرآن مزامير يُقدِّمونه يُغنِّيهم وإنْ كان أقلَّ منهم فقهًا»، وقال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٠٠): فيه عثمان بن عمير، وهو ضعيف.
(٢) في (ز٢): بالقرآن.
1 / 72