الله ولا الهوى، وإمَّا محرَّم لِمَن غلب عليه هوى محرم (١)، وسُئِل العزُّ بن عبدالسلام [ز١/ ٥/أ] عن استماع الإنشاد فِي المحبَّة والرقص؟ فقال: الرقص بدعةٌ لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلاَّ للنساء، وأمَّا سماع الإنشاد المحرِّك للأحوال السنيَّة المذكِّر لأمور الآخرة فلا بأس به، بل يُندَب عند الفتور وسآمَة القلب، ولا يحظر [إلا] لِمَن فِي قلبه هوًى خبيث فإنَّه يُحرِّك ما فِي القلب.
وقال أيضا: السماع يختلف باختلاف السامعين والمسموع منهم وهم أقسام:
أحدها: العارفون بالله، ويختلف سماعهم باختلاف أحوالهم؛ فمَن غلب عليه الخوف أثَّر فيه سماع المخوفات وظهر أثَرها عليه من البكاء وتغيُّر اللون والحزن، والخوف إمَّا خوف عِقاب أو فَوات ثواب أو فَوات الأنس والقُرب، وهذا من أفضل الخائفين وأفضل السامعين، فمثله لا يتصنَّع بها، ولا يصدر منه إلاَّ ما غلب من آثار الخوف، وهذا إذا سمع القرآن كان تأثيرُه فيه أشدَّ من تأثير الإنشاد والغناء.
الثاني: مَن غلب عليه الوجدُ، فهذا يُؤثِّر فيه ذِكرُ المرجيات، [فإنْ كان رجاه] للأنس والقُرب كان سماعُه أفضل من كلِّ سماع أو للثواب فهو مفضول.
_________
(١) لم أقف على النصِّ بلفظه، ووقفتُ على معناه، قال الغزالي في "الإحياء" (٢/ ٣٠٦/ط دار المعرفة): السماع قد يكون حرامًا محضًا، وقد يكونُ مباحًا، وقد يكون مكروهًا، وقد يكون مستحبًّا، أمَّا الحرام فهو لأكثر الناس من الشُّبَّان ومَن غلبت عليهم شهوةُ الدنيا، فلا يحرك السماع منهم إلا ما هو الغالب على قلوبهم من الصفات المذمومة، وأمَّا المكروه فهو لمن لا ينزله على صورة المخلوقين ولكنَّه يتَّخِذه عادةً له في أكثر الأوقات على سبيل اللهو، وأمَّا المباح فهو لمن لا حظَّ له منه إلا التلذُّذ بالصوت الحسن، وأمَّا المستحب فهو لمن غلب عليه حبُّ الله - تعالى - ولم يحرك السماع منه إلا الصفات المحمودة.
1 / 29