قلت: وهذه فائدة كبرى، ومهمة عظمى، في انحصار العترة الطاهرة إلى زمن الإمام، فضلا عمن سبقه صلوات الله عليهم فما نقل من إجماعهم تواترا كما في مسائل التوحيد والعدل، والنبوة والإمامة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيكون له حكمه، وهو دليل قاطع فيما يصح أن يستدل به فيه، وذلك فيما لم تكن حجية الإجماع مترتبة عليه، وما نقل آحادا ككثير من المسائل العملية، فله حكمه في الاستدلال به على ما يقبل فيه الآحاد، ومن خالف ما علم من إجماعهم فلا يعتد به، لسبق الإجماع له، وذلك واضح بحمد الله.
وهذا رد على من زعم أنهم لا ينحصرون، محاولة لإبطال حجية الله على عباده ، وإطفاء لنوره المبين في خلقه وبلاده، وحاشا الله أن ينصب لنا أدلته المعلومة، وحججه المرسومة، ويؤكد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - التوصية بالثقلين، والاستمساك بالخليفتين، ويجعلهم كسفينة نوح المنجية من الغرق، ويخبر أنهم الأمان لأهل الأرض، وأنهم لا يفارقون الكتاب إلى يوم العرض، ولا يكون لنا سبيل إلى ذلك، ولا اهتداء إلى سلوك تلك المسالك، فتبطل ثمرة هذه الحجج القويمه، وتضمحل فائدة تلك المناهج المستقيمة.
وقد صرح بأن إجماع العترة حجة، كثير من علماء الأمة، واعترف بذلك الشيخ ابن تيمية في فتاواه، وقد أجبنا على من قال: إنهم قد صاروا في كل فرقة، في آخر فصل من شرح الزلف(1)، بما لا يسعه المقام ، ولو لم يكن إلا أهل الصدر الأول لكفى، فمعظم الافتراق كان في ذلك العصر، والله ولي التوفيق.
وهل هذا إلا محض العبث أو الجهل، تعالى وتقدس عن ذلك كله أحكم الحاكمين ، ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصادق الأمين، بل هم حجج الله على خلقه إلى يوم الدين، وحملة دينه في كل وقت وحين.
صفحه ۶۱