فمن الواجب على كل أمة تريد أن تنجو من الخسران أن تقوم بهذا الفرض وهو التواصي بالخير والتناهي عن الشر أو التواصي بالحق والتواصي بالصبر فإذا طرأ على عوائد الأمة أو نزل بها من الحوادث ما بغض إليها التناصح أو حبب إليها التساهل في فريضة التواصي كان ذلك إنذارًا بحلول الخسار وتعرضًا في الدنيا للعار والدمار وفي الآخرة لعذاب النار.
ولا يجوز لأحد أن يتعلل بذلك التساهل إذا وقع من الأمة ويقنع نفسه بأنه عاجز عن النجاح في نصيحته، ولهذا يكفيه أن ينكر المنكر بقلبه وبذلك ينجو من الخسران الأخروي إن لم ينج من الخسران الدنيوي كما يتوهمه بعض المسلمين اليوم خصوصًا أولئك الذين عرفوا بينهم بالعلماء فقد أخطئوا الخطأ العظيم في زعمهم أن إعراض العامة عنهم ينجيهم من العقوبة الإلهية إذا لم يبذلوا النصح لهم ولم يبينوا لهم وجه الحق وإن أنكروه وصكوا وجه الداعي إليه فقد صدق الله وعده، وأكد خبره، ولا سبيل إلى التأويل في أمره، ولا إلى جحد ما يتلوه من أثره. ا. هـ.
١٥- نقم المتعصبين على منكر البدع بغيًا وجهلًا:
قال بعضهم: مضت سنة الله تعالى في أهل البغي والشقاق أن يظهر تفرقهم وخلافهم بعد ظهور الحق ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾، ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾، ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ فعلى المؤمن أن يأخذ بالحق متى ظهر له ويرشد إليه متى عرفه لا يخاف فيه لومة لائم ولا خوض آثم. وإذا كان قد سبق له عمل بخلافه عن خطأ في الاجتهاد فهو مثاب على نيته وإن كان قد أمره بذلك عالم
1 / 36