المقدمات
مقدمة الناشر
...
باب: المقدمات
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناشر:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد فهذه الطبعة الثانية من "إصلاح المساجد" لعلامة الشام الشيخ محمد جمال الدين القاسمي عليه رحمة الله، نقدمها للقارئ المسلم منهاجًا نيرًا لما يجب أن تكون عليه مساجد المسلمين وأحوالهم في عبادتهم.
وقد حافظنا على مقدمة الطبعة الأولى للأستاذ الكبير محب الدين الخطيب عليه رحمة الله.
كما أضفنا إليها تخريجًا لأحاديثها وتعليقًا على بعض مواطن الإشكال فيها لمحدث الشام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -جزاه الله خيرًا.
1 / 3
وإننا نقدم الشكر الجزيل للصديق الكريم الأستاذ ظافر القاسمي الذي سهل لنا طبع هذه الرسالة، كما يسر طبع الكثير من كتب والده، وإنه في عمله هذا يحيي ذكرى والده مصدقًا لحديث رسول الله ﷺ: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
وإنا لنرجو أن ينفع الله بهذه الطبعة كما نفع بسابقتها وبجميع كتب هذا الإمام الجليل، إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بيروت ٥/ ٢/ ١٣٩٠
زهير الشاويش
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، وسلام على عباده الصالحين المصلحين وبعد؛ فإن رجال الإصلاح في الدنيا هم مصابيحها الذين تسطع أشعة حكمتهم في ديجور ظلمتها؛ فتتأذى بنور الإصلاح عيون طالما استأنست بالظلام، وتتنكر له نفوس ذاقت لذة الاستفادة من غفلة جماهير العوام. فلا يزال مصباح الإصلاح جادًّا في الظهور والاستعلاء، وأعداء الإصلاح دائبين على مقاوته في الجلاء والخفاء حتى يتم الله نوره.
وإذا أتم الله نوره على عباده الصالحين بإشاعة مذهبهم الصالح فكثر سواد التابعين له يقف الشيطان أمام قلعة منهم رصينة الأركان، متينة البنيان؛ حتى إذا عجز عن فتحها من الخارج تذرع إلى فتحها من الداخل بتلبيسه الحق بالباطل على أهلها، وتسويله لهم أن يبتدعوا في الدين ما ليس منه، وأن يدخلوا عليه ما ليس فيه، إكمالًا له بزعمهم، ومبالغة في التمسك به. وإن مثل الدين في ذلك كمثل ينبوع الماء يتفجر من سفح الجبل عذبًا زلالًا، فلا يجتاز في مجراه بقاع الأرض من أفق إلى أفق حتى تكدره الأيدي فتمس الحاجة إلى إزالة ما زاد فيه من أوضار وأقذار وكانت به تزال الأوضار والأقذار.
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
هنالك تتجدد الحاجة إلى المصلحين فتتألق مصابيحهم في الأمم التي يريد الله بها خيرًا؛ ولعل ذلك من معاني قول الرسول الأكرم والمصلح الأعظم محمد بن عبد الله ﷺ: "يبعث الله على رأس كل مائة من يجدد لهذه
1 / 5
الأمة أمر دينها" ١. ولعل الانحلال الشنيع الذي منينا به في ديننا وسجايانا وقوميتنا وسائر مقومات حياتنا هذه والحياة الخالدة هو الذي دعا إلى ظهور عدد غير قليل من المصلحين في أكثر الأقطار الإسلامية والعربية لعهدنا هذا، فصاحوا في الأمة صيحتهم يدعونها للرجوع بالإسلام إلى ما كان عليه في الصدر الأول من حالته الفطرية التي تشبه ماء الينابيع عذوبة وصفاء، كما دعوها إلى التسلح بمعارف أوروبا وصناعاتها وأنظمتها ووسائل عمرانها؛ لأن ذلك من معدات القوة التي لا غنى لأمة عنها في معترك الحياة الحاضرة.
والسيد جمال الدين القاسمي ﵀ مصباح من مصابيح الإصلاح الإسلامي التي ارتفعت فوق دياجير حياتنا الحاضر المظلمة -في الثلث الأول من القرن الهجري الرابع عشر- فنفع الله الناس بعلمه وعمله ما شاء أن ينفعهم، ثم انتقل إلى رحمة الله ورضوانه تاركًا من آثاره العلمية المطبوعة ما لا تكاد تخلو منه مكتبة قائل بالإصلاح في العالم الإسلامي. وها نحن نتقدم اليوم إلى أهل الفضل بكتاب من أجل كتبه شأنًا وأجزلها نفعًا وهو كتاب "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" ونظنه الكتاب الوحيد المعروف بالعربية في هذا الموضوع. وأملنا في الله وطيد أن ينفع به المسلمين من أهل هذا الجيل وفي كل جيل، والله الموفق
القاهرة: غرة رمضان ١٣٤١
محب الدين الخطيب
_________
١ حديث صحيح، خرجته في سلسلة "الأحاديث الصحيحة" رقم "٦٠١".
1 / 6
مقدمة الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمر بالدعوة إلى سبيله، وجعل الخير والفضل في قبيله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الطيبين.
أما بعد؛ فلما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، والمهم الذي ابتعث الله له النبيين، وجب على كل مستطيع له، أن يقتحم لوجه الله سبله، خشية أن تعم البدعة وتفشو الضلالة، ويتسع الخرق وتشيع الجهالة، فتموت السنة ويندرس الهدي النبوي، ويمحى من الوجود معالم الصراط السوي، ولما أضحت البدع الفواشي، كالسحب الغواشي، يتعذر على البصير حصرها، وضبط أفرادها وسبرها، رأيت أن أدل بجزئي منها على كلياتها، وبنبذة منها على بقياتها، وذلك في البدع والعوائد، الفاشية في كثير من المساجد؛ لأني ابتليت كآبائي بإمامة بعض الجوامع في دمشق الشام، وبالقيام بالتدريس العام، فكنت أرى من أهم الواجبات إعلام الناس بما ألم بها من البدع والمنكرات، فإن القيم مسئول عن إصلاح من في معيته، وفي الحديث: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ١ فاستعنت بالله تعالى في الشروع، وتوكلت عليه في
_________
١ صحيح متفق عليه من حديث ابن عمر، وهو مخرج في "تخريج الحلال والحرام" رقم ٢٦٧.
1 / 7
إتمام هذا الموضوع، ونقبت لأجله من شوارد الأسفار، وضممت إليه ما يروي البصائر والأبصار، وعزوت غالب فروعه لأصلها، ردًّا للأمانات إلى أهلها؛ تطمينًا للمرتابين، وتثبيتًا للمؤمنين، فجاء فريدًا في بابه، أمنية لطلابه ولم أجد من سبقني إليه، فاعرّج بالاحتذار عليه بل كان ترتيبه مخترعًا، وتقسيمه مبتدعًا وذلك من فضل الله علي، ومننه التي لا أحصي ثناءها لدي وبه المستعان، وعليه التكلان، في كل آن.
1 / 8
مقدمات:
١- بيان الميزان الذي يعرف به الاستقامة على الطريق والجور عنه:
قال الله ﷾: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ وقال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونْ﴾ وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .
وهذا الصراط المستقيم الذي وصانا باتباعه هو الصراط الذي كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه، وهو قصد السبيل، وما خرج عنه فهو من السبل الجائرة. لكن الجور قد يكون جورًا عظيمًا عن الصراط وقد يكون يسيرًا، وبين ذلك مراتب لا يحصيها إلا الله.
فالميزان الذي يعرف به الاستقامة على الطريق والجور عنه هو ما كان رسول الله صلوات الله عليه وأصحابه عليه. والجائر عنه إما مفرط ظالم أو مجتهد أو متأول أو مقلد أو جاهل، فمنهم المستحق للعقوبة، ومنهم المغفور له، ومنهم المأجور أجرًا واحدًا، بحسب نياتهم ومقاصدهم واجتهادهم
1 / 9
في طاعة الله تعالى ورسوله أو تفريطهم. وبالجملة فمن اتبع رسول الله ﷺ في قوله أو فعله فهو على صراط الله المستقيم، وهو ممن يحبه الله ويغفر له ذنوبه. ومن خالفه في قوله أو فعله فهو مبتدع، متبع لسبيل الشيطان، غير داخل فيمن وعد الله بالمحبة والمغفرة والإحسان.
"أفاده شمس الدين ابن القيم في الباب الثالث عشر في مكايد الشيطان من "إغاثة اللهفان".
٢- الترهيب من الابتداع:
لا يخفى أن النبي ﷺ وأصحابه ومن تبعهم حذروا قومهم من البدع ومحدثات الأمور، وامروهم بالاتباع الذي فيه النجاة من كل محذور. وجاء في كتاب الله تعالى من الأمر بالاتباع بما لا يرتفع معه الترك، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ الآية، وهذا نص فيما نحن فيه.
وقد روينا عن أبي الحجاج بن جبير المكي١ -وهو من كبار التابعين وإمام المفسرين- في قوله تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُل﴾ قال: البدع والشبهات.
وقال ﷿: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ قال ميمون بن مهران -وهو من فقهاء التابعين- الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله إذا قبض إلى سنته.
وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن مسعود ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "ما من نبي بعثه الله ﷿ في أمة قبلي إلا كان له من
_________
١ هو الإمام سعيد بن جبير.
1 / 10
أمته حواريون أصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره -وفي رواية: يهتدون بهديه، ويستنون بسنته- ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
وفيه عن جابر بن عبد الله ﵄ أن النبي ﷺ كان يقول في خطبته: "خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" زاد البيهقي: "وكل ضلالة في النار" ١.
وفي "الصحيحين" و"سنن أبي داود" عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية "من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو رد"٢ أي مردود على فاعله.
وأخرج "الدارمي" أن أبا موسى الأشعري قال لابن مسعود: إني رأيت في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة فيقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء. ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد. قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد؛ أو مفتتحو باب ضلالة! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد
_________
١ وأخرجها النسائي أيضًا، وإسناده صحيح. انظر رسالتي "الأجوبة النافعة" "ص٤٧" و"الإرواء" ٦٠٨ طبع المكتب الإسلامي.
٢ متفق عليه من حديث عائشة باللفظ الأول، وهو مخرج في "تخريج الحلال والحرام" رقم ٥.
1 / 11
للخير لن يصيبه ... الحديث١.
وروى "الدارمي" أيضًا عن عبد الله قال: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم٢.
وعنه قال: القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة.
وعنه قال: تعلموا العلم قبل أن يقبض، وقبضه ذهاب أهله. ألا وإياكم والتنطع والتعمق والبدع، وعليكم بالعتيق.
وعنه قال: أيها الناس، إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول.
وعن عمر قال: يهدم الإسلام زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين.
وعنه قال: سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله تعالى.
وعن ابن عباس قال: عليك بتقوى الله تعالى والاستقامة. اتبع ولا تبتدع.
وعنه أن أبغض الأمور إلى الله تعالى البدع، وأن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور٣.
وفي سنن أبي داود عن حذيفة بن اليمان ﵄: كل عبادة لا يتعبدها أصحاب رسول الله ﷺ فلا تعبدوها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالا. فاتقوا الله يا معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم٤.
وفي كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: أوصيكم بتقوى الله
_________
١ وإسناده صحيح، كما حققته في "الرد على الشيخ الحبشي" "ص٤٥-٤٧".
٢ إسناده صحيح.
٣ أغلب هذه الآثار، ضعيفة الأسانيد، والمؤلف ﵀ نقلها عن أبي شامة عن "الدارمي" كما يأتي.
٤ لم أره في "السنن"، وقد عزاه إليه غير المصنف أيضًا. وأظنه تابعًا لهم فيه. والله أعلم.
1 / 12
تعالى والاقتصاد في أمره واتباع سنة رسول الله ﷺ وترك ما أحدث المحدثون بعد.
وعن محمد بن مسلم من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام. قال أبو معشر: سألت إبراهيم بن موسى عن هذه الأهواء فقال: ما جعل الله في شيء منها مثقال ذرة من خير، ما هي إلا نزعة من الشيطان، عليك بالأمر الأول.
وسأل عبد الملك بن مروان "غضيف بن الحارث" عن القصص ورفع الأيدي على المنابر فقال غضيف: إنهما لمن أمثل ما أحدثتم، وإني لا أجيبك إليهما لأني حدثت أن رسول الله ﷺ قال: "ما من أمة تحدث في دينها بدعة إلا أضاعت مثلها في السنة". والتمسك بالسنة أحب إلي من أن أحدث بدعة١.
وعن ابن عمر ﵄ قال: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة٢.
أخرج هذه الآثار "الدارمي" في مسنده ونقلها عنه الإمام "أبو شامة" الدمشقي كتاب "الباعث عن إنكار البدع والحوادث".
٣- معنى البدعة:
أصل هذه الكلمة من الاختراع، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق، ولا مثال احتذي ولا ألف مثله. ومنه قولهم: أبدع الله الخلق أي خلقهم ابتداء ومنه قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض﴾ وقوله: ﴿قُلْ
_________
١ ضعيف الإسناد.
٢ صحيح الإسناد.
1 / 13
مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُل﴾ أي لم أكن أول رسول إلى أهل الأرض. وهذا الاسم يدخل فيما تخترعه القلوب، وفيما تنطق به الألسنة، وفيما تفعله الجوارح. ثم غلب لفظ "البدعة" على الحدث المكروه في الدين، ومثله لفظ المبتدع لا يكاد يستعمل إلا في الذم. وأما من حيث أصل الاشتقاق فإنه يقال ذلك في المدح والذم لأن المراد أنه شيء مخترع على غير مثال سبق. وقال الجوهري: "البديع المبتدع، والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال". ا. هـ.
وهو كل ما لم يكن في عصر النبي ﷺ مما فعله أو أقر عليه أو عُلم من قواعد شريعته الإذن فيه وعدم النكير عليه. وفي معنى ذلك ما كان في عصر الصحابة ﵃، مما أجمعوا عليه قولًا أو فعلًا أو تقريرًا. وكذلك ما اختلفوا فيه فإن اختلافهم رحمة١ مهما كان للاجتهاد والتردد مساغ وليس لغيرهم إلا الاتباع دون الابتداع.
وما أحسن ما قاله إبراهيم النخعي رحمة الله عليه: "ما أعطاكم الله خيرًا أُخبئ عنهم، وهم أصحاب رسوله وخيرته من خلقه" فأشار بذلك إلى ترك الغلو في الدين وإلى الاقتداء بالسلف الصالح.
وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ فكل من فعل أمرًا موهمًا أنه مشروع وليس كذلك فهو غالٍ في دينه، مبتدع فيه، قائل على الله غير الحق بلسان مقاله أو لسان حاله. وروي أن رجلا قال لمالك بن أنس: من أين أحرم؟ قال: من حيث أحرم رسول الله ﷺ. قال الرجل. فإن احرمت من أبعد منه؟ قال: فلا تفعل، فإني أخاف عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في ازدياد
_________
١ قلت: ما كان الاختلاف برحمة يومًا ما ولن يكون، وحسبه أن يكون مغفورًا إذا كان عن اجتهاد وإخلاص، وحديث "اختلاف أمتي رحمة" وما في معناه، لا يصح رواية ولا دراية، كما حققته في "الأحاديث الضعيفة" "رقم ٥٧-٦٢".
1 / 14
الخير؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه﴾ الآية، وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك خصصت بفضل لم يخص به رسول الله ﷺ. انتهى من "الباعث لأبي شامة".
٤- انقسام البدعة إلى حسنة وسيئة:
تنقسم المحدثات إلى بدع مستحسنة وإلى بدع مستقبحة. قال حرملة: سمعت "الشافعي" يقول: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة. فما وافق السنة فهو محمود. وما خالف السنة فهو مذموم" واحتج بقول عمر ﵁ في التراويح: "نعمت البدعة"١. يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى٢، وإنما كان كذلك لأن النبي ﷺ حث على قيام شهر رمضان، وفعله ﷺ في المسجد، واقتدى به بعض
_________
١ قلت: هذا الكلام ليس دقيقًا؛ لأن النبي ﷺ قد صلى التروايح جماعة كما يأتي من المؤلف، بل وحض عليها بقوله: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" أخرجه أصحاب السنن وغيرهم بسند صحيح، وقد خرجته في رسالتي "صلاة التراويح" "ص١٧"، فكيف توصف صلاة التراويح جماعة بأنها محدثة لم تكن! فاللهم غفرا، والحق أن عمر ﵁ لم يعن بقوله: "نعمت البدعة هذه" البدعة الشرعية فإنها كلها ضلالة. وإنما أراد البدعة اللغوية، وهو الأمر الجديد الذي لم يكن، ولا شك أن الجماعة في صلاة التراويح وراء إمام واحد، لم يكن معروفًا في عهد عمر ولا في عهد أبي بكر ﵄، فبهذا الاعتبار سماه بدعة، ووصفها بالحسن لقيام الدليل الشرعي على حسنها، هذه كلمة عاجلة، والمسألة تتطلب الإفاضة، والمجال ضيق، فمن شاء البسط فليراجع رسالتنا الآنفة للذكر، أو "الاعتصام" للإمام الشاطبي "ناصر الدين".
٢ أخرجه البخاري في حديث إحياء عمر ﵁ لسنة التجميع في صلاة التراويح. وقد سقته مخرجًا في رسالتي "صلاة التروايح" "٤٧، ٤٨".
1 / 15
الصحابة ليلة بعد أخرى، ثم ترك النبي ﷺ ذلك خشية أن يفرض عليهم. فلما قبض النبي ﷺ أُمن ذلك فاتفق الصحابة ﵃ على فعل قيام رمضان في المسجد جماعة لما فيه من إحياء ما أمر به الشارع وفعله وحث عليه ورغب فيه.
فالبدع الحسنة المتفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها هي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء فيها ولا يلزم من فعله محذور شرعي، وذلك نحو بناء المنائر والمدارس وخانات السبل وغير ذلك من الأنواع التي لم تعهد في الصدر الأول، فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع المعروف والمعاونة على البر والتقوى "انتهى من الباعث".
٥- رد البدعة في الدين:
لا يخفى أن مدار العبادات إنما هو على المأثور في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة مع الإخلاص في القلب وصحة التوجه إلى الله تعالى. ولكل مسلم الحق في إنكار كل عبادة لم ترد في الكتاب والسنة في ذاتها أو صورتها، فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه بأنه أكمل لنا ديننا وأتم علينا به نعمته، فكل من يزيد فيه شيئًا فهو مردود عليه لأنه مخالف للآية الشريفة وللحديث الصحيح "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ١.
وكل البدع التي منها حسن ومنها سيئ فهي الاختراعات المتعلقة بأمور المعاش ووسائله ومقاصده وهي المراد بحديث "من سن سنة حسنة فله أجرها
_________
١ صحيح قد مضى "ص٩".
1 / 16
وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" ولولا ذلك لكان لنا أن نزيد في ركعات الصلاة أو سجداتها "حققه بعض الفضلاء" والله أعلم.
٦- بغض المبتدع:
اعلم أن كل من يحب في الله لا بد أن يبغض في الله فإنك إن أحببت إنسانًا لأنه مطيع لله ومحبوب عند الله فإن عصاه فلا بد أن تبغضه لأنه عاص لله وممقوت عند الله، ومن أحب بسبب فبالضرورة يبغض لضده، وهذان متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، وهو مطرد في الحب والبغض في العادات ولكن كل واحد من الحب والبغض داء دفين في القلب، وإنما يترشح عند الغلبة، ويترشح بظهور أفعال المحبين والمبغضين في المقاربة والمباعدة، وفي المخالفة والموافقة. فإذا ظهر في الفعل شيء سمي موالاة ومعاداة، ولذلك قال الله تعالى: "هل واليت في وليًّا وهل عاديت في عدوًّا"١ وأثر البغض إما في الإعراض والتباعد وقلة الالتفات، أو في الاستخفاف وتغليظ القول، أو في قطع المعونة والرفق والنصرة.
ومن الذين يُبغَضون في الله المبتدع، فإن كان يدعو إلى بدعته وهي ضلالة سبب لغواية الخلق فالاستحباب إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه. وإن كان عاميا لا يقدر على الدعوة ولا يخاف الاقتداء به فأمره أهون فالأولى أن لا يفاتح بالتغليظ والإهانة بل يتلطف به بالنصح، فإن قلوب العوام سريعة التقلب، فإن لم ينفع النصح وكان في الإعراض عنه تقبيح لبدعته في عينه تأكد الاستحباب في الإعراض، وإن علم أن ذلك لا يؤثر فيه لجمود طبعه ورسوخ عقده
_________
١ حديث قدسي. قلت: لا أعرفه في شيء من كتب السنة المعتمدة.
1 / 17
في قلبه فالإعراض أولى؛ لأن البدعة إذا لم يبالغ في تقبيحها شاعت بين الخلق وعم فسادها "انتهى من الإحياء للإمام الغزالي".
٧- وعيد من سنَّ سُنَّة سيئة:
أخرج مسلم وغيره عن جرير ﵁ في حديث وفد مصر والحث على إكرامهم قوله ﷺ: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
٨- إنكار المنكرات المحظورة والمكروهة:
كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ينكرون أشد الإنكار على من أحدث أمرًا أو ابتدع رسمًا لم يعهدوه قل أو كثر، صغر ذلك أو كبر، كان ذلك في المعاملة أو في العبادة أو في الذكر.
والمنكرات تنقسم إلى مكروهة وإلى محظورة، فالمنكر المكروه يستحب المنع ويكره السكوت عليه ولا يحرم إلا إذا لم يعلم الفاعل أنه مكروه، فيجب ذكره له لأن الكراهة حكم في الشرع يجب تبليغه إلى من لا يعرفه، أما المنكر المحظور فالسكوت عليه مع القدرة محظور "انتهى من الإحياء للغزالي".
1 / 18
٩- مفاسد الإقرار على البدع:
من الغيرة لله ولرسوله ولدينه تعطيل ما ألصق بالدين وليس منه وهجره وإطراحه واستقباحه وتنفير الناس عنه. إذا يلزم من الموافقة عليه مفاسد:
الأولى: اعتماد العوام على صحته أو حسنه.
الثانية: إضلال الناس به وإعانة لهم على الباطل وإغراء به.
الثالثة: في فعل العالم ذلك تسبب إلى أن تكذب العامة على رسول الله ﷺ فتقول: هذه سنة من السنن. والتسبب إلى الكذب على رسول الله ﷺ لا يجوز لأنه يورط العامة في عهدة قوله ﷺ: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" ١.
الرابعة: أن الرجل العالم المقتدى به والمرموق بعين الصلاح إذا فعلها كان موهمًا أنها من السنن فيكون كاذبًا على رسول الله ﷺ بلسان الحال، ولسان الحال قد يقوم مقام لسان المقال، وأكثر ما أُتي الناس في البدع بهذا السبب، يظن في شخص أنه من أهل العلم والتقوى وليس هو في نفس الأمر كذلك فيرمقون أقواله وأفعاله فيتبعونه في ذلك فتفسد أمورهم.
وفي الحديث عن ثوبان ﵁ أن النبي ﷺ قال: "إن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين" أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه. وفي الصحيح أن النبي ﷺ قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخد الناس رءوسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" ٢. قال الإمام الطرطوشي فتدبروا هذا الحديث
_________
١ حديث صحيح متواتر. وللطبراني فيه جزء لطيف، جمع فيه طرقه، وهو محفوظ في مخطوطات ظاهرية دمشق.
٢ أخرجه الشيخان، والمصنف ساقه بالمعنى، فإنه مغاير لسياقهما في بعض الألفاظ.
1 / 19
فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم وإنما يؤتون من قبل إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبلهم. قال: وقد صرف عمر ﵁ هذا المعنى تصريفًا فقال: ما خان أمين قط، ولكنه ائتمن غير أمين فخان" قال ونحن نقول: ما ابتدع عالم قط ولكنه استفتي من ليس بعالم فضل وأضل وكذلك فعل ربيعة قال مالك رحمه الله تعالى: بكى ربيعة يومًا بكاء شديدًا فقيل له: أمصيبة نزلت بك؟ قال: لا ولكن استفتي من لا علم عنده، وظهر في الإسلام أمر عظيم.
"انتهى من الباعث لأبي شامة".
١٠- ما يجب على العالم فيما يرد عليه مما يأمن فيه من الابتداع:
لا يخفى أن السلف الصالح بلغوا إلينا هدي النبي ﷺ وسنته، وشرحوا لنا سيرته وطريقته، وميزوا ما نقل عنه مما يجب الرجوع إليه من ذلك وما يطرح كما دون في كتب السنة. فالواجب على العالم فيما يرد عليه من الوقائع، وما يسأل عنه من الشرائع، الرجوع إلى ما دل عليه كتاب الله المنزل، وما صح عن نبيه المرسل، وما كان عليه الصحابة ومن بعدهم من الصدر الأول، فما وافق ذلك أذن فيه وأمر، وما خالفه نهى عنه وزجر، فيكون بذلك قد آمن واتبع، ولا يستحسن، فإن من استحسن فقد شرع. قال أبو العباس أحمد بن يحيى: كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة فتذاكروا يومًا السنن فقال رجل كان في المجلس: ليس العمل على هذا، فقال عبد الله: "أرأيت أن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام فهم الحجة على السنة" فقال ربيعة: أشهد أن هذا لكلام أبناء الأنبياء. "انتهى من الباعث لأبي شامة".
1 / 20
١١- اجتناب العالم ما يتورط بسببه العامة:
هذا باب من أبواب الدين موضوعة إصلاح المعتقدات في العبادات، وتنبيه العامة على حكم ما ألفوه من العادات. وقد سبق للعمل بهذا الباب علماء الصحابة وساسة الخلفاء الراشدين، ورأوه من المراشد الصالحة، والمناهج السامية؛ ثم نبه عليه حكماء العلماء.
قال الإمام أبو شامة في كتاب "الباعث": لا ينبغي للعالم أن يفعل ما يتورط العوام بسبب فعله في اعتقاد أمر على مخالفة الشرع. وقد امتنع جماعة من الصحابة من فعل أشياء إما واجبة وإما مؤكدة خوفا من ظن العامة خلاف ما هي عليه: قال الشافعي رحمة الله تعالى عليه: وقد بلغنا أن أبا بكر الصديق وعمر ﵄ كانا لا يضحيان كراهية أن يقتدى بهما فيظن من رآهما أنها واجبة. وعن ابن عباس أنه جلس مع أصحابه ثم أرسل بدرهمين فقال: اشتروا بهما لحمًا ثم قال: هذه أضحية ابن عباس. قال الشافعي: وقد كان قلما يمر به يوم إلا نحر فيه أو ذبح بمكة قال: وإنما أراد بذلك مثل الذي روي عن أبي بكر وعمر ﵄، وعن أبي مسعود الأنصاري قال: "إني لأترك أن أضحي كراهية أن يرى جيراني وأهلي أنه علي حتم".
أخرجهن الحافظ البيهقي في "كتاب المعرفة"١.
قال أبو بكر الطرطوشي: انظروا رحمكم الله فإن لأهل الإسلام قولين في الأضحية، أحدهما: سنة، والثاني: واجبة، ثم اقتحمت الصحابة ترك السنة حذرًا من أن يضع الناس الأمر على غير وجهه فيعتقدوها فريضة.
_________
١ قلت: وأخرجها أيضًا في "السنن الكبرى" "٩: ٢٦٥"، وأسانيدها صحيحة عنهم، وقد صح الأمر بالأضحية في "الصحيحين" وغيرهما عن النبي ﷺ، بل ثبت عنه أنه قال: "من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا"، فلعلهم لم يبلغهم ذلك أو بلغهم، ولكنهم تأولوا الأمر على الاستحباب، ولكن الحديث الأخير لا يساعد على ذلك فتأمل.
1 / 21
قال: ومن ذلك قصة عثمان بن عفان ﵁ وذلك أنه كان يسافر فيتم في السفر فيقال له: "أليس قصرت مع رسول الله ﷺ" قال: "بلى. ولكني إمام الناس، فينظر إلي الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين فيقولون: هكذا فرضت"١ قال الطرطوشي رحمه الله تعالى: تأملوا رحمكم الله تعالى فإن في القصر قولين لأهل الإسلام، منهم من يقول: فريضة ومنهم من يقول: سنة، ثم اقتحم عثمان ﵁ ترك الفرض أو السنة لما خاف من سوء العاقبة وأن يعتقد الناس أن الفرض ركعتان.
قال: وكان عمر ينهى الإماء عن لبس الإزار وقال: "لا تشبهن بالحرائر"٢ وقال لابنه عبد الله: "ألم أخبر أن جاريتك لبست الإزار لو لقيتها لأوجعتها ضربا" قال الطرطوشي: ومعلوم أن هذه سترة، ولكن فهموا أن مقصود الشرع المحافظة على حدوده، وأن لا يظن الناس أن الحرة والأمة في السترة سواء فتموت سنة وتحيي بدعة.
ثم قال "أبو شامة": ونظير ما حكي عن أبي بكر وعمر ﵄ في الأضحية ما أخرجه "البيهقي في كتاب السنن"٣ عن عبد الرحمن بن أبزى أن أبا بكر وعمر كانا يمشيان أمام الجنازة وكان علي يمشي خلفها، فقيل لعلي ﵁: كانا يمشيان أمامها فقال: "إنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذًّا ولكنهما يسهلان للناس".
_________
١ قلت: لم يصح عن عثمان، وقد كان الأعراب يصلون وراء النبي ﷺ في حجة الوداع، فكان إمامهم، ومع ذلك فلم يثبت عنه ﷺ أنه أتم.
٢ أخرجه البيهقي "٢: ٢٢٦" وفيه أحمد بن عبد الحميد، ولم أجد له ترجمة، لكن قال البيهقي عقبه: "والآثار عن عمر بن الخطاب في ذلك صحيحة" وراجع "المحلى" لابن حزم.
٣ "ج٤: ٢٥" وفيه زائدة وهو ابن خراس، وقيل: ابن أوس بن خراس الكندي، كما قال البيهقي وسكت عنه، وكذا ابن أبي حاتم في "الجرح" "١-٢-٦١٢" فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
1 / 22