فزعم الذين كفروا من هؤلاء الفرنج - لعنهم الله بما حدثتهم به أمانيهم الكاذبة - أنهم يسترجعون ما كان بأيدي أسلافهم لعنهم الله من هذه السواحل المذكورة ، وهيهات ، كذبت والله الظنون ، وخزي الكافرون ، والله حائل بينهم وبين ما يشتهون . ليست هذه الدول كمن تقدم ذكرهم من الدول الضعيفة التي استحوذوا في أيامها على ما ذكرناه من السواحل ، هؤلاء أكثر عددا وعددا ، وأعز ملكا وأشد بأسا وتنكيلا .
وزعم صاحب قبرس لعنه الله أنه سيعود ملك بيت المقدس إليهم ( ولا سبيل لهم على ذلك مرة أخرى ) أبد الآبدين ودهر الداهرين .
( وهذه بشارة ) أيشر بها جميع المؤمنين لشيء استنبطته من الكتاب العزيز المبين ، وسنة سيد المرسلين ، صلى الله عليه وعلى آله أجمعين :-
((أما الكتاب )) فقوله تعالى : ((وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا {4} فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا {5} ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا {6} إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا {7} عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ))
فذكر تبارك وتعالى أنه سلط على بني إسرائيل بذنوبهم عدوا من سواهم فقتل من المقاتلة خلقا كثيرا وسبى من الذرية جما غفيرا . وهذا المسلط عليهم - فيما ذكره أكثر المفسرين ( بختنصر ) صاحب العراق ، وقيل نائبه . هذه في المرة الأولى كما قال تعالى (( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ))
صفحه ۱۷