العين، فجاءت تسأل رسول الله ﷺ في كتابتها، فلما قامتا على الباب فرأيتها فكوهت مكانها، وعرفت أن رسول الله ﷺ سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث، وأنا كان من أمري ما لا يخفى عليك، وإني قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن الشماس، وإني كاتبتُ على نفسي، فجئتُك أسألك في كتابتي.
فقال رسول الله ﷺ: "فهل لك إلى ما هو خير منه؟ ".
قالت: وما هو يا رسول الله؟.
قال: "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك".
قالت: قد فعلت.
قالت: فتسامع -يعني الناس- أن رسول الله ﷺ قد تزوَّجها، فأرسلوا ما في أيديهم من السبي، فأعتقوهم وقالوا: أصهار رسول الله ﷺ، فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق في سببها مئة أهل بيت من بني المصطلق.
قال ابن القطان بعده: "وهو حديث حسن، وابن إسحاق لم يصرح بما قيل فيه، والخوض فيه طويل عريض".
ثم قال: "تندفع دلالته: باحتمال ألا تكون أبدت وجهها بحضرته، كما أبدته حين رأتها عائشة، وليس في الخبر دليل على أنه رآها بادية الوجه فأقرها، وفيه دليل على أرْ زمان رؤية عائشة لوجهها، غير زمان تكلُّمها مع رسول الله ﷺ؛ فإنها قالت: فلمَّا قامت على الباب فكرهت مكانها وعرفت أن رسول الله ﷺ سيرى منها مثل الذي رأيت؛ دلَّ على أنه لم يرها بعد، ولعله كان في صلاة أو غيرها".
وهكذا نلاحظ أن ابن القطان لم يقبل هذا الحديث دليلًا على جواز بُدُوِّ الوجه لما فيه من الإحتمال الذي ذكره، والقاعدة: "ما اكتنفه الإحتمال سقط به الإستدلال".
ومثال هذا في كتابه: "إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر" كثير.
1 / 60