============================================================
رقبته ، وانتهب ماله . فخرج من بين يديه ، وأخرج من الحيس قوما وجب عليهم القعل.
وأفاض عليهم ثيابا واسعة وعمائم مدورة وطيالس سابلة ، وجمع تجار الغلة والخبازين والطحانين . وعقد مجلسا عظيما . وأمر باحضار واحد من القوم ، فدخل فى هيئة عظيمة حتى إذا مثل بين يديه قال له : . ويلك ! أما كفاك أنك خنت السلطان ، واستوليت على مال الديوان ، إلى أن خريت الأعمال ومحقت الغلال ، فأدى ذلك إلى اختلال الدولة وهلاك الرعية؟
اضرب رقيته !. . قضربت في الحال ، وتركه ملقي بين يديه . نم أمر باحضار أخرمنهم ، فقال له : .كيف جسرت على مخالفة الأمر لما نهى عن احتكار الغلة ، وتماديت فى ارتكاب ما تهيت عنه ، إلى أن تشيه به سواك ، فهلك الناس ؟ أضرب رقيته!0،(فخريت في الحال]. واستدعى آخر ، فقام إليه الحضارون من التجار والطحاتين والخبازين وقالوا : "أيها االأمير ! فى بعض ما جرى كفاية ، ونحن نخرج الغلة ، وندير الطواحين ، وتعمر الآسواق بالخبز، وترخض الأسعار على الناس ، ونييع الخبز رطلا بدرهم، . فقال :"ما يقنع الناس منكم بهذا ، ، فقالوا : .رطلين. ، فأجابهم بعد الضراعة ، ووقوا بالشرط . وتدارك الله الخلق وأجرى النيل ، وسكنت الفتن ، وزرع الناس وتلاحق الخير ، وانكشفت الشدة ، وفرجت الكرية . وخير هذه الغلوات مشهور ، وفى هذا القدر كفاية من التعريف بها ، والله قبض وبسط واليه ترجعون .
============================================================
غلاء في زمن الخليفة الآمر بأحكام الله
ثم وقع غلاء في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله ، ووزارة الأفضل، بلغ القمع فيه كل مائة أردب بمائة وثلاثين دينارا . فتقدم الخليفة إلى القائد أبى عبد الله بن فاتى - الملقب بعد ذلك بالمأمون البطائحى - أن يدبر الحال . فختم على مخازن الغلات ، وأحضر أريايها و خيرهم في أن تيقى غلاتهم تحت الختم إلى أن يصل المفل الجديد ، أو يفرج عنها وتياع بثلاثين دينارا كل مائة أردب . فمن أجاب أفرج عنه ، وباع بالسعر المذكور ومن لم يجب أبقى الختم على حواصله . وقدر ما يحتاج إليه الناس فى كل يوم من الغلة وقدر الغلال التى أجاب التجار إلى بيعها بالسعر المعين ، وما تدعو إليه الحاجة يعد ذلك بيع من غلات الديوان على الطحاتين بالسعر . فلم يزل الأمر على ذلك إلى أن دخلت الغلة الجديدة، فانحلت الأسعار ، واضطر أصحاب الغلة المخزونة إلى بيعها خشية من السوس ، فياعوها بالنزر اليسير ، وندموا على ما فاتهم [ من البيع] بالسعر الأول .
صفحه ۱۰۱