حکمت غرب
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
ژانرها
كان أول اتصال بين اليونان وروما هو ذلك الذي حدث عن طريق المستعمرات اليونانية في جنوب إيطاليا، ولم يترتب على حملات الإسكندر تعكير للأوضاع في البلاد التي تقع غرب اليونان.
ففي بداية العصر الهلينستي، كانت القوتان الكبيرتان في المنطقة هما سراقوزة وقرطاجة، وكلتاهما سقطت في أيدي الرومان خلال القرن الثالث؛ نتيجة للحربين الأوليين في الحرب البونية
.
وخلال هذه العمليات العسكرية ضمت أسبانيا، وقد شهد القرن الثاني غزو اليونان ومقدونيا، ثم نشبت حرب «بونية» ثالثة انتهت بتدمير شامل لمدينة قرطاجة في عام 146. وفي العام نفسه لقيت كورنثة نفس المصير على أيدي الجحافل الرومانية، على أن عمليات التدمير هذه، التي كانت تتسم بقسوة متعمدة، كانت هي الاستثناء، وقد وجدت من ينتقدونها في ذلك العصر، كما في العصور التالية. ومن هذه الناحية يمكننا أن نقول إن عصرنا الحاضر يعود بسرعة إلى العصور البربرية.
وخلال القرن الأول ق.م. أضيفت آسيا الصغرى وسوريا ومصر وبلاد الغال إلى الأقاليم الرومانية، بينما بريطانيا في القرن الأول الميلادي. ولم تكن هذه الغزوات المتعاقبة نتيجة تعطش إلى المغامرة فحسب، بل لقد أملاها البحث عن حدود طبيعية يمكن الدفاع عنها دون صعوبة كبيرة في وجه إغارات القبائل المعادية التي تعيش وراء هذه الحدود، وقد أمكن بلوغ هذا الهدف في السنوات الأولى للإمبراطورية؛ إذ كانت أراضي روما تحد من الشمال بنهرين كبيرين، هما الراين والدانوب، ومن الشرق بالفرات والصحراء العربية، ومن الجنوب بالصحراء الكبرى، ومن المغيط بالمحيط. وفي هذا الإطار عاشت الإمبراطورية الرومانية في سلام واستقرار نسبيين خلال القرنين الأولين بعد الميلاد.
وكانت روما قد بدأت سياسيا بوصفها دولة مدينة مشابهة من نواح كثيرة لنظائرها في اليونان. ومرت بفترة أحيطت بالأساطير حكمها خلالها الملوك الإتروسكيون
Etruscan ، أعقبتها جمهورية تسودها طبقة حاكمة أرستقراطية كانت تسيطر على مجلس الشيوخ (الأعيان). ومع نمو حجم الدولة وازدياد أهميتها، حدثت تغيرات دستورية في اتجاه الديمقراطية، وفرضت هذه التغييرات نفسها عليها. صحيح أن مجلس الشيوخ ظل يحتفظ لنفسه بسلطات كبيرة، ولكن المجلس الشعبي أصبح يمثل بلجان كلها لها صوت في شئون الدولة، كذلك أصبح منصب القنصل في النهاية متاحا لأشخاص من أصول غير أرستقراطية. غير أن الغزو والتوسع أديا إلى اكتساب الأسر الحاكمة ثروات هائلة، على حين أن صغار الملاك طردوا من الأرض باستخدام قوة عمل العبيد في الأراضي الزراعية ذات المساحة الضخمة التي كان يحوزها ملاك غير مقيمين. وهكذا أصبحت السيادة المطلقة لمجلس الشيوخ، ولم يكتب النجاح لحركة ديمقراطية شعبية قادها جراكي
Gracchi
قرب نهاية القرن الثاني ق.م. كما أدت سلسلة من الحروب الأهلية في نهاية الأمر إلى إقامة الحكم الإمبراطوري. وأخيرا نجح أوكتافيان
Octavian
صفحه نامشخص