حکمت غرب
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
ژانرها
ابن يوليوس قيصر بالتبني، في إعادة النظام، ومنح لقب «أغسطس
Ougustus » (الممجد)، وحكم بوصفه إمبراطورا، وإن كان قد احتفظ شكليا بالمؤسسات الديمقراطية.
ولقد ظلت الإمبراطورية الرومانية تعيش - على وجه العموم - في سلام طوال ما يقرب من مائتي عام بعد موت أغسطس في عام 41 ميلادية. صحيح أنه قد ثارت بعض القلاقل الداخلية، وحدثت اضطهادات، ولكنها لم تكن ذات أبعاد تؤدي إلى زعزعة أركان الحكم الإمبراطوري. وهكذا كانت الحروب تشن على طول الحدود ، على حين أن روما كانت تحيا حياة هادئة منظمة.
وفي النهاية أخذ الجيش ذاته يعمل على استغلال قوته، التي كان يستخدمها في الحصول على الذهب مقابل منحه التأييد للحاكم.
وعلى هذا النحو أصبح الأباطرة يرتقون العرش بتأييد من الجيش، ويسقطون بمجرد سحب هذا التأييد، وقد أمكن تجنب الكارثة لفترة ما بفضل الجهود الدائبة التي بذلها ديوكليتيان
Diocletian (286-305) وقسطنطين
Constantine (337-312)، ولكنهما اتخذا تدابير للطوارئ أدى بعضها إلى زيادة سرعة التدهور، وكان يحارب في صف الإمبراطورية أعداد كبيرة من المرتزقة الألمان، وقد تبين في النهاية أن هذا كان واحدا من عوامل سقوطها. وبمضي الوقت أصبح الأمراء البرابرة، الذين تدربوا على فنون الحرب خلال خدمتهم في الجيوش الرومانية، يعتقدون أن مهاراتهم التي اكتسبوها حديثا يمكن أن تجلب مكسبا أكبر إذا ما استخدمت لتحقيق مصالحهم الخاصة بدلا من مصلحة سادتهم الرومان. وهكذا سقطت مدينة روما في أيدي القوط بعد فترة قصيرة لا تتجاوز مائة عام. ومع ذلك فقد بقي شيء من التراث الثقافي الماضي عن طريق تأثير المسيحية، التي أصبحت في عهد قسطنطين هي العقيدة الرسمية للدولة. فبقدر ما اعتنق الغزاة هذا الدين، استطاعت الكنيسة أن تحتفظ إلى حد ما بمعارف الحضارة اليونانية، أما الإمبراطورية الشرقية فكان مصيرها مختلفا؛ إذ فرض المسلمون عليها عقيدتهم، ونقلوا التراث اليوناني إلى الغرب من خلال حضارتهم الخاصة.
لقد كانت لروما حضارة تكاد تكون كلها مستعارة؛ إذ كان العالم الروماني في فنونه وعماراته وآدابه وفلسفته يحاكي النماذج اليونانية العظيمة مع تفاوت في حظه من النجاح. وبرغم ذلك فإن هناك ميدانا واحدا نجح فيه الرومان حيث أخفق اليونانيون، بل والإسكندر ذاته. ذلك هو ميدان الحكم على نطاق واسع بما فيه من قانون وإدارة، في هذا الميدان كان لروما بعض التأثير على الفكر اليوناني؛ فقد رأينا من قبل أن يونانيي العصور الكلاسيكية كانوا في المسائل السياسية عاجزين عن تجاوز المثل العليا لدولة المدينة. أما روما فكانت رؤيتها أوسع، وفرض هذا نفسه على المؤرخ بوليبيوس
، وهو يوناني ولد حوالي عام 200ق.م. وسقط في أسر الرومان، وكان بوليبيوس، شأنه شأن بانايتيوس
الرواقي، ينتمي إلى حلقة من المثقفين كانت تتجمع حول سكيبيو
صفحه نامشخص