ثامنا: الشيخ ليس من هؤلاء
ولتعلم شيخنا الفاضل: أنه لو كان غيرك الذي التبس عليه الأمر لما تحاورت معه ولظننت به سوءا لأنني تعودت من كثير من الخصوم تشويه ما أكتب وتعمد تحريفه بسبب الخصومة أو الحسد أو بتأثير الجلساء، وكنا لا نبالي بهذا لكثرته بين طلبة العلم؛ فليس هناك طالب علم عندنا ولا شيخ إلا وقد تعرض لشيء من هذا، إضافة إلى كون المشوهين والمحرفين في الأغلب مقلدين حتى لو ادعوا اتباع الدليل لكنه اتباع داخل التقليد ولذلك فهم كثيرا ما يعادون الأمور التي يجهلونها ولو كانت حقا (والناس أعداء ما جهلوا).
لكننا كتبنا هذا لأننا نعرف أنكم لستم من هؤلاء وأنكم إنما التبس عليكم الأمر لضعف بيان مني أو قوة تشويه من البطانة والجلساء الذين علمت أنهم يأتونك ويشيعون أن المالكي قال كذا، أو قال كذا... ولا يكون نقلهم أمينا ويعيدون ويكررون، حتى تصدق الكلام أو تكاد، وما منا إلا من يتأثر بالجلساء والبطانة لا يسلم منها أحد، لكن العاقل من تحرى وسأل وتواصل ونص على القول نصا ثم يرد على ما فيه من خطأ فهذا لا يضير ولا نأباه ولا يغضب منه عاقل بل ندعو له لأنه من التواصي بالحق، لأن العلم والبحث لا يتقوى إلا بمثل هذا النقد.
أما أن يأخذ الشخص التهمة من أفواه الآخرين ويكتفي بهذا ثم يرد على أشياء لم يقل بها المردود عليه فهذا فيه إضاعة لوقت الجميع، وليس سبيل أهل العلم الذين يحرصون على نسبة القول لصاحبه نسبة صحيحة لا تحريف فيها ولا خطأ ولا إهمال لقيد أو تخصيص، وغير ذلك من الدقة التي نطالب بها من يرد على ابن تيمية أو البربهاري وننساها عندما نرد على الآخرين ، ثم بعد دقة النقل وأمانته يأتي الرد على ما فيه خطأ بما يراه المعارض من حق مع التفريق بين خطأ وخطأ من وضع الخطأ في مكانه اللائق به شرعا لا عرفا، والتفريق بين ما يسع الخلاف فيه وما لا يسع... إلخ.
صفحه ۱۵