مبيح، ولروح الجد مريح، ولذماء المزاج مزيج. وكل فاتك لحبل الوريد باتك، ولستر الحياة هاتك، ولعدم العداة سافك.
وكل شجاع إلى الموت داع، وإلى المجد ساع، وللإسلام راع، وللإشراك ناع. وكل فارس للفوارس فارس، وللذوابل في النحور غارس، وفي اليوم العابس غير عابس. وكل راجل لقهر العدو راج، وبسر البأس مناج، ومن شر الناس بشجاعته ناخ، وبباغت المنون لمن يلاقيه شاج. وكل عتال عات، ونجار ونشار ونحات، وحداد وقين، وكل زائر للعدا بحين.
فاجتمعوا وزحفوا، وجفوا على القوم ورجفوا. وأصموا وصمموا، وأوقدوا نارا وأضرموا. وأطاروا من أعشاش الأقواس إلى أوكار الأحداق افراخا، واستصرخوا الأقدار لأقدارهم فحبتهم حين أحبتهم إصراخا. وغلظوا على الرقاب الغلاظ بالرقاق، وأولوا الشقاء لأولى الشقاق. وتساعدوا وتناصروا، وتطاولوا وما تقاصروا. وما فيهم إلا من أبان عن جد، وأبان بحد. وألان الشديد، وأعان السديد، وأفلح ففلح الحديد بالحديد، وجد الجديد، ومد المديد.
وصور مرتجة أبوابها، مرتجة أربابها، مغتصة جوانبها، مرتصة عصائبها، مشحونة أبراجها، مسجونة أعلاجها، محصورة كلابها، محسورة ذئابها، محشورة ثعالبها، محشودة كتائبها. والمركيس بها متجهم، وإبليس عليه متحكم. وقد سقط في يده، وسخط لبلده، وارتبط بجلده، واختلط بكمده. وغلت مراجل غلوائه، وعدت
غوائل عدوائه. وطاش وجاش، واوخش الأوباش والاوخاش. وتوشح بالشر وتوحش، وترشح للردى وتحرش. واشتعل بجمره، وبعل بأمره، وضرى بضره، وجال بوجله في مكر مكره، وكر في وكره. وعشا عشه، وغشى غشه. وثبت على لجاجه، ونبت في إجابه. وتسعر وتعسر، وتربص وتصبر.
والسلطان مصيب حكمه، صائب سهمه، ماض عزمه، قاض حزمه، بار حده، جار جده، وار زنده، سار وفده. باتك غربه، فاتك ضربه. قاطع شبا باسه، ساطع سني إيناسه. قد اتسقت أسبابه، واتسعت رحابه، واجتمع أصحابه. فازدحم على بابه، وحول قبابه؛ كل مبارز بار، وكل ضارب ضار، وكل حجار جار. وكل رامح ورام، وكل حامل سلاح وحام. وكل سائف حائف، وكل عاصف قاصف.
وكل آكل للحرب شارب، وكل طالع بالضرب غارب. وكل هاجم هائج، وكل راجم رائج. وكل معتقل متقلد، وكل مجرب مجرد. وكل ذكر مذكور، وكل غضنفر مشكور. وكل ليث ملاث وكل غيث غياث، وكل سفاك لدم الكفر سفاح، وكل جراد لسيف الفتك جراح. وكل مكتتم في درعه، مكتمن في نقعه. ملثم بزغفه، مثلم بحرفه. مقنع بلأمه، ملفع بقتامه. سابح في بحر الموت بسابحه، سامع في الصباح صوت صائحه.
فجمع إليه امراءه، واستحضر عظماء ملكه وخبراءه.
1 / 87