قلت: بمعنى لولا نحن لما وجدت. فإن قلت: وما الدليل على أنها محتاجة إلينا؟.
قلت: إنها توجد متى أردنا وجودها وتنتفي متى كرهناه، فإن قلت: ما الدليل على أنها إنما احتاجت إلينا لأجل إحداثها؟.
قلت: لأنها لم تحتج إلينا لأجل إعداهما لأن العدم يحصل لها سواء وجدنا أم لا! ولا لوجودها لأن إيجاد الموجود محال، فلم يبق إلا أنها احتاجت إلينا لأجل إحداثها ونعني بالإحداث: إخراجها من العدم إلى الوجود.
فإن قلت: ومن أين أن الأجسام إذا شاركتها في الاحداث وجب أن نشاركها في الاحتياج إلى محدث؟.
قلت: لأن حكم كل مشترك إشتركا في علة حكم أن يشتركا في ذلك الحكم وإلا عاد على أصل تلك العلة بالنقض والإبطال، وهاهنا أصل وهو: أفعالنا وفرع وهو: العالم قد شارك الأصل، وهو: أفعالنا في العلة وهي الإحداث وجب أن نشاركها في الحكم، وهو الاحتياج إلى محدث، وإلا بطل تعليلنا لحاجة أفعالنا إلينا بالأحداث. فإن قلت: فإذا ثبت أن العالم محتاج إلى محدث، فمن أين أن محدث ليس إلا الفاعل المختار؟ فإن قلت: مذهبنا ليس إلا الفاعل المختار، وخالف في ذلك الفلاسفة الإسلاميون والباطنية (1) وأهل النجوم (2) والطبائعية.
أما الفلاسفة فيعبرون عن الباري تعالى بعلة قديمة صدر عنها عقل فرط لأنها لم تكثر من جهة وعن العقل عقل وفلك ونفس فلك قالوا: إنما صدر عنها إلى ثلاثة لأنه قد تكثر من ثلاث حبات وهي:
صفحه ۱۵