وقالت طائفة من الفلاسفة (1) وابن الراوندي (2) بذلك أعني بإثبات الأعراض. وأن الجسم لم يخل منها، وأنها محدثة لكنها تحدث في الجسم حادث قبله حادث إلى ما لا أول له فأحادها محدثة وجملتها قديمة، (وأعلم) أن جميع من قدمنا من المخالفين غرضهم إثبات قدم العالم وأنه لا صانع له مختار والذي يبطل قول هؤلاء أنا نقول أنما ثبت لآحادها من دون شرط معقود في جملتها(3) يجب أن يثبت لجملتها، وذلك هو الحدوث ألا ترى أنه لما ثبت السواد لأحاد الزنج من غير شرط معقود في جملتها، ثبت لجملتهم؛ فثبت أن ما لم يحل من المحدث ولم يتقدمه فهو محدث مثله ألا ترى أنا إذا علمنا ولادة زيد وعمرو في وقت واحد، وعلمنا أن لأحدهما عشر سنين فإنا نعلم أن للأخر كذلك ضرورة، فإذا علمنا حدوث الأعراض وأن الجسم لم يخل منها [3ب-أ] ولم يتقدمها علمنا حدوث الجسم.
قوله: (والأثر لا بد له من مؤثرات) هذا كان قولهم والمحدث لا بد له من محدث يعني إذا ثبت أن الأجسام محدثة وجب أن يكون لها محدث، وإنما عدلنا إلى هذه العبارة ليتلائم النظم.
(والدليل على أن المحدث لا بد له من محدث قوله (بدليل) ما لنا من التصرفات وإنما قاس الأجسام على تصرفاتنا في الاحتياج إلى محدث لأنها محتاجة إلينا، وإنما احتاجت إلينا لأجل إحداثهما، والعالم قد شاركها في أنه محدث، فيجب إن يشاركنا في الاحتياج إلى محدث.وإن قلت: وما معنى حاجتها إلينا؟.
صفحه ۱۴