مسرعا وذهبا على عجل إلى السقيفة (1)، وكان من الممكن أن يطلب غيره من أعلام المهاجرين بعد اعتذاره عن المجي، فهذا الحرص لا يمكن أن نفسره بالصداقة التي كانت بينهما، لأن المسألة لم تكن مسألة صداقة، ولم يكن أمر منازعة الأنصار يتوقف على أن يجد عمر صديقا له بل على أن يستعين بمن يوافقه في أحقية المهاجرين أيا كان. ولا ننسى أن نلاحظ أنه أرسل رسولا إلى أبي بكر، ولم يذهب بنفسه ليخبره بالخبر خوفا ممن انتشاره في البيت وتسامع الهاشميين أو غيرها الهاشميين به، وقد طلب من الرسول في المرة الثانية أن يخبره بحدوث أمر لابد أن يحضره. ونحن لا نرى حضور أبي بكر لازما في ذلك الموضوع إلا إذا كانت المسألة مسألة خاصة وكان الهدف تنفيذ خطة متفق عليها سابقا (2). (الثاني) موقف عمر من مسألة وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وادعاؤه أنه لم يمت، ولا يستقيم في تفسيره، أن نقول إن عمر ارتبك في ساعة الفاجعة، وفقد صوابه وادعى ما ادعى، لأن حياة عمر كلها تدل على أنه ليس من هذا الطراز، وخصوصا موقفه الذي وقفه في السقيفة بعد تلك القصة مباشرة.
---
(1) تاريخ الطبري 2: 242. (2) راجع: تاريخ الطبري 2: 234، وفيه: عن الحميري... قال: (فحلف رجال أدركناهم من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ما علمنا أن الايتين نزلتا حتى قرأهما أبوبر يومئذ، إذ جاء رجل يسعى فقال: هاتيك الأنصار قد اجتمعت في ظلة بني ساعدة، يبايعون رجلا منهم، يقولون منا أمير ومن قريش أمير، قال: فانطلق أبو بكر وعمر يتقاودان حتى أتياهم، فأراد عمر أن يتكلم، فنهاه أبو بكر، فقال: عمر لا أعصي خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم مرتين...) يعني في المرة الاولى إعلانه موت النبي، وهذه المرة الثانية، ولاحظ تعبيره (خليفة النبي) قبل حصول البيعة (الفلتة) على ما قاله لاحقا، كما في 2: 235.
--- [77]
صفحه ۷۶