ولما وصلت إلى هذه النقطة من أفكارها المتدفقة صرخت إن هذا هو الأنقلاب الذي أنذر تعالى في كتابه إذ قال: (و10 ما محمد إلا رسول رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)
---
(1). فها هم الناس قد انقلبوا على أعقابهم، واستولى عليهم المنطق الجاهلي الذي تبادله الحزبان في السقيفة حين قال أحد هما: (نحن أهل العزة والمنعة، واولوا العدد والكثرة، وأجابه الاخر: من ينازعنا سلطان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونحن أولياؤه وعترته) (2) وسقط الكتاب والسنة في تلك المقاييس ثم أخذت تقول: يا مبادئ محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي جرت في عروقي منذ ولدت كما يجري الدم في العصب، إن عمر الذي هجم عليك في بيتك المكي الذي أقامه النبي مركزا لدعوته قد هجم على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في دارهم وأشعل النار فيها أو كاد.. (3). يا روح امي العظيمة إنك ألقيت علي درسا خالدا في حياة النضل الأسلامي بجهادك الرائع في صف سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم وسوف أجعل من نفسي خديجة علي في محنته القائمة (4).
---
(1) آل عمران / 144. (2) راجع تفصيل ذلك في أخبار السقيفة / تاريخ الطبري 2: 234 وما بعدها، شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 6: 6 - 9، فقد نقلا هذه المحاورات والمداخلات. (3) في هذه المسألة التي كثر فيها الكلام، راجع: تارى الطبري 2: 233، أخرج عن ابن حميد بسند قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه رجال من المهاجرين فقال: (والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة...). (4) إشارة إلى موقف زوج الرسول الكريم خديجة الكبرى التي خصها الله بالكرامة في موقفها من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند محنته مع قريش في تكذيبه.
--- [29]
صفحه ۲۸