129

فجر اسلام

فجر الإسلام

ژانرها

فإن هلكت فرهن ذمتي لهم

بذات ودقين لا يعفو لها أثر

18

ونسبوا إليه ما في نهج البلاغة، وهو يشتمل على كثير من الخطب والأدعية والكتب والمواعظ والحكم، وقد شك في مجموعها النقاد قديما وحديثا كالصفدي وهوار

Huart

19

واستوجب هذا الشك أمور: ما في بعضه من سجع منمق، وصناعة لفظية - لا تعرف لذلك العصر - كقوله: «أكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي إليه تصير»، وما فيه من تعبيرات إنما حدثت بعد أن نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية وبعد أن دونت العلوم، كقوله: «الاستغفار على ست معان، والإيمان على أربع دعائم»، وكالذي فيه من وصف الدار وتحديدها بحدود هي أشبه بتحديد الموثقين، كقوله: «وتجمع هذه الدار حدود أربعة، الحد الأول ينتهي إلى دواعي الآفات» ... إلخ، هذا إلى ما فيه من معان دقيقة منمقة على أسلوب لم يعرف إلا في العصر العباسي، كما ترى في وصف الطاووس؛ كما نسبوا إليه كتابا في الجفر، تذكر فيه الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم؛ وحكايته مع أبي الأسود الدؤلي في وضع النحو معروفة مشهورة؛ كل هذا ما يجعل من العسير على المؤرخ الناقد وصف شخصيته العلمية وصفا يطمئن إليه، أي ما في نهج البلاغة لعلي؟ وأيها ليس له؟ وأي ما روي عنه من الحكم والأمثال له؟ وأيها ليس له؟ وأي الأحاديث وما صدر عنه من الأحكام، وما استشاره فيه الخلفاء من الشئون يصح عنه؟ وأيها لا يصح؟ كل هذه الأشياء لا تزال مجالا للبحث.

وعلى كل حال إذا نحن رجعنا إلى كتب السير الموثوق بها، كطبقات ابن سعد، نرى أنه كان كذلك ذا عقل قضائي، فقد ولاه رسول الله

صلى الله عليه وسلم

قضاء اليمن، وله آراء ثبتت صحتها في مشاكل قضائية عديدة، حتى قيل فيه: «قضية ولا أبا حسن لها»، وحكى علقمة عن عبد الله قال: «كنا نتحدث أن من أقضى أهل المدينة علي»، وفوق هذا كان يهتم بالقرآن يعرف معانيه، وفيم نزل حتى «زعموا أنه كتبه على تنزيله»

صفحه نامشخص