على بواطن هَذِه الظَّوَاهِر انْحَلَّت عَنْهُم هَذِه الْقُيُود وانحطت عَنْهُم هَذِه التكاليف العملية فان الْمَقْصُود من أَعمال الجوارج تَنْبِيه الْقلب لينهض الطِّبّ الْعلم فَإِذا ناله استعد للسعادة القصوى فَيسْقط عَنهُ تَكْلِيف الْجَوَارِح وانما تَكْلِيف الْجَوَارِح فِي حق من يجْرِي بجهله مجْرى الْحمر الَّتِي لَا يُمكن رياضتها إِلَّا بِالْأَعْمَالِ الشاقة وَأما الأذكياء والمدركون للحقائق فدرجتهم ارْفَعْ من ذَلِك وَهَذَا فن من الإغواء شَدِيد على الأذكياء وغرضهم هدم قوانين الشَّرْع وَلَكِن يخادعون كل ضَعِيف بطرِيق يغويه ويليق بِهِ وَهَذَا من الإضلال الْبَارِد وَهُوَ فِي حكم ضرب الْمِثَال كَقَوْل الْقَائِل إِن الاحتماء عَن الاطعمه الْمضرَّة انما يجب على من فسد مزاجه فَأَما من اكْتسب اعْتِدَال المزاح فليواظب على أكل مَا شَاءَ أَي وَقت شَاءَ فَلَا يلبث المصغي الي هَذَا الضلال ان يمعن فِي المطعومات الْمضرَّة إِلَيّ أَن تتداعى بِهِ الى الْهَلَاك
فَإِن قيل قد نقلتم مذاهبهم وَمَا ذكرْتُمْ وَجه الْإِبْطَال فَمَا السَّبَب فِيهِ قُلْنَا إِن مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُم يَنْقَسِم الى امور يُمكن تنزيلها على وَجه لَا ننكره والى مَا يتَعَيَّن من الشَّرْع انكاره وَالْمُنكر هُوَ مَذْهَب الثنوية والفلاسفة وَالرَّدّ عَلَيْهِم فِيهِ يطول فَلَيْسَ ذَلِك من خَصَائِص مَذْهَب هَؤُلَاءِ حَتَّى نتشاغل بِهِ وانما نرد عَلَيْهِم فِي خُصُوص مَذْهَبهم من ابطال الرَّأْي واثبات التَّعْلِيم من الامام الْمَعْصُوم وَلَكنَّا مَعَ ذَلِك نذْكر مسلكا وَاحِدًا هُوَ على التَّحْقِيق قاصم الظّهْر نعني فِي ابطال مَذْهَبهم فِي جَمِيع مَا سنحكي عَنْهُم وَمَا حكيناه وَهُوَ أَنا نقُول لَهُم فِي جَمِيع دعاويهم الَّتِي تميزوا بهَا عَنَّا كإنكار الْقِيَامَة وَقدم الْعَالم وإنكار بعث الأجساد
1 / 47