وقبل أن تدخل معي إلى عرين هذا النوع من الشعر أحب أن تعرف عصر الشاعر لتعرف أسباب دعوته ومدى تأثره شعره به. ثار العمانيون في زمنه على سلطان مسقط فيصل بن تركي الذي كانت عاصمته مسقط لأسباب لسنا هنا في مجال سردها ولكن أهم سبب لها هو النزعة الفطرية والدينية لدى العمانيين في انتخاب الحاكم وبما أن السلطان قد ورث الحكم من أبيه ولم ينتخب له فقد ثار العمانيون عليه وأعلنوا انتخاب إمام لهم اسمه الإمام سالم بن راشد الخروصي والإمام في عمان لفظة تطلق على الرئيس المنتخب للحكم وهي تتناسب مع لفظة الخليفة في صدر الاسلام وتمكن المنتخبون من تأسيس دولة لهم ومهاجمة السلطان في عاصمته ولكن الإنكليز احتضنوا قضية السلطان وأنزلوا قوات من جيشهم فأشتبكت مع الحاكم المنتخب في قرية تبعد خمسة أميال عن العاصمة وهنالك خشى الإنكليز أن تستغل إحدى الدول عملهم هذا وأدركوا عدم تمكنهم من القضاء على هذه الحركة وكانت فرنسا أكبر منافس لهم في هذه المنطقة فعرضوا على الحاكم المنتخب أن يعترف السلطان به كما أدرك هؤلاء أن لا طاقة لهم وهم في أول نشأتهم بمقارعة السلطان ما دام يحميه المستعمرون وبذلك رضوا بالصلح وأصبحت في عمان ديمقراطية تسمى دولة الإمامة. وكان الشاعر بزنجبار فسمع عن هذا النبأ السار الذي دعا إليه كثيرا والذي ربما كان أحد أسباب خروجه من وطنه ولذلك أصبح داعية النظام الجديد وشاعر الحزب الذي يسند هذه الدولة ومثالا لذلك أرشدك إلى قصيدته النونية التي استهلها بالحنين إلى وطنه ثم أخذ يستصرخ القبائل العربية العمانية ويناديها قبيلة قبيلة يذكرها بمآثرها التالدة وينبهها إلى مفاخرة الماضية ثم يرسلها دعوة عامة للجهاد وطلع القصيدة:
تلك البوارق حاديهن مرنان ... ... ... فما لطرفك ياذا الشجو وسنان
ويستمر في الدعوة والتذكير حتى يعلن دعوته العامة بقوله:
يا للرجال لقد ذلتحفيظتكم ... ... ... إذا استطال على الاساد حملان إن السيوف التي كانت لسالفكم ... ما ضمها معهم رمس وأكفان
صفحه ۱۰