نقى من غبار الأرض بيض ثيابنا ... ... وتلك رفات الهالكين تطير وما أروع البيت الأخير الذي وقف به مع أبي العلاء في طلبه تخفيف الوطء ولنأت إلى الاستنهاض وقد علمت أنه النبع الفياض في شعره ولذلك فلا عجب أن تجد له مظهرا في كل أقسامه، والاستنهاض اليوم في حياتنا نحن العرب يحتل الجانب الأكبر من شعرنا مهما تعددت وسائله وهو عمد الشاعر العماني أبي مسلم أقوى شعره معنى وأسلوبا بل أنه الصرح الضخم الذي يقف منه أبو مسلم شامخ الرأس بين رفقائه من الشعراء، كان الشاعر قومي النزعة شديد الخصومة للاستعمار وسماسرته حذر منه كثيرا، وتبصر فيه أن رحل إلى شرقي أفريقيه وشهد الكثير من مآسيه وأخص ما شهده هو تجزئة الدولة العمانية التي كانت تشمل زنجبار وكينيا وتتولى السيادة على المحيط الهندي أجمعه فلا عجب أن يزأر محذرا منه وداعيا إلى مقاومته ولا غرابة في أن نراه في بعض أبياته يذكرهم باسم "المشركين" إذ كان لا يجد خلافا لتعبيره فلم يجزئ بلاده إلا الإنكليز وقد شاركهم الألمان في أفريقيا الشرقية وكلا اللفظتين صحيحتان فهم مشركون ومستعمرون.
صفحه ۹