وماعزة الطاغي وإن جد جدها ... ... بصائرة إلا لخزي وذلة وهذه المقاطع لا تخلو من معان إنسانية رفيعة فليست في الحقيقة شعرا دينيا خالصا فكثيرا ما وجدت فيها من وسائل الاستنهاض والتعبير عن معاني الحياة، انظر إليه في مقطع الرحمن.
الهي يا رحمن استوهب الغنى ... ... ففي سعة الرحمى الهي عنيتي
انه لا يريد غنى دراهم أو عقارات، كلا أنه يريد الرحمة من ربه وقد وسعت رحمته كل شئ فهي حرية بأن تغنيه عن كل مخلوق وعن الدراهم والعقارات، حرية أن توجد فيه غنى النفس فتحمله على الصبر لكل نازلة وتكشف عنه كل بلوى وهذا ما يظهره قوله.
بعاطفة الرحمن عاذت حقائقي ... ... وعمري وفقري وانقطاعي وذلتي
وفي مقطع- العزيز- يوضح لك أن عزة النفس تتوقف على الترفع عن الشهوات وما تقود إليه من دنيات فيقول:
ونفسي إن عزت فأنت معزها ... ... إذا انخلعت عن ربقة الشهوية
ولذلك فأنا مطمئن بعد هذا التوضيح إلى أن القارئ سوف يقرأ هذا المقاطع وأنه لن يسأم من الجانب الديني في شعره أبى مسلم لأنه ضم كثيرا من المعانى الانسانية ولأنه تمجيد لله ومن منا يسأم من تمجيد الله والله يقول { ولئن شكرتم لأزيدنكم } .
والرجل قد اندفع إلى الشعر الديني ما حدثتك من انطباعنا نحن العمانيين بالدين واتخاذه إياه سبيلا لدفع قومه نحو العزة وهنا أبيات تمثل مدى نفور الشاعر من زخرف الدنيا ونظرته إليها نظرة عميقة تدل على فهم واسع لحقائقها، اقرأ ما يقول:
أتمرح إن شاهدت نعشا لهالك ... ... إليك أكف الحاضرين تشير
ستركب ذاك المركب الوعر ساعة ... ... إلى حيث سار الأولون تسير
صفحه ۸